أيها الإخوة المواطنون:

أحييكم فى هذه المناسبة.. مناسبة العيد الرابع عشر لثورة ٢٣ يوليو العظيمة، وكل سنة وأنتم طيبين ومنتصرين. واسمحوا لى أن أحيى باسمكم الوفود الشقيقة التى تشاركنا فى هذا الاحتفال، وأن أشكر باسمكم الأخ الدكتور عبد الرحمن البزاز على كلمته إليكم، وأطلب منه أن ينقل باسمكم التحية إلى العراق الشقيق ورئيسه الرئيس عبد الرحمن عارف. واسمحوا لى أيضاً أن أشكر باسمكم الأخ شريف بلقاسم على الكلمات التى وجهها إليكم وإلى الشعب فى الجمهورية العربية المتحدة، وأطلب منه أن يحمل إلى شعب الجزائر الشقيق تحياتنا وإلى مجلس الثورة الجزائرى وإلى الأخ الرئيس هوارى بومدين.

أيها الإخوة المواطنون:

هذا العيد الرابع عشر لثورة ٢٣ يوليو العظيمة له معنى خاص، وله دور متميز؛ ذلك لأنه يتوافق مع العيد العاشر لتأميم قناة السويس فى يوليو سنة ١٩٥٦.

وفى الوقت الذى نلتقى فيه هنا لاحتفالنا السنوى بأعز أيام كفاحنا الشعبى، فإن صحافة العالم، وإذاعات العالم، والكثيرين من ساسة العالم يبدون أوسع الاهتمام بما استطعنا أن نحققه فى يوم حاسم من تاريخ أمتنا العربية سبق قبل أربعة عشرة سنة، ومعركة حاسمة فى تاريخ الثورة الوطنية والقومية سبقت قبل عشر سنوات، وكلاهما اليوم - يوم الثورة والمعركة - مازالت لهما أكبر الآثار وأهم النتائج فى وطننا المصرى وفى وطننا العربى، ووراء حدودهما إلى آفاق بعيدة.

فى الفترة الأخيرة قابلت كثيرين سعوا إلى القاهرة يسألون ويبحثون، ماذا كان لليوم الحاسم وللمعركة الفاصلة من آثار ونتائج؟ كانوا يسألون ويبحثون؛ هل تحقق ما تمنيناه وأردناه وأخلصنا فى النضال من أجله؟ أو تحقق ما ادعاه الذين واجهوا شعبنا بالكراهية والعداء؟ كانوا يسألون ويبحثون؛ هل تحطمت الثورة المصرية التى أعلن "إيدن" - رئيس وزراء بريطانيا - أنها تمثل الخطر الداهم على مصالح الاستعمار البريطانى؟ لم تتحطم الثورة المصرية، وهى أقوى وما تزال والحمد لله خطراً داهماً على كل نوع من أنواع الاستعمار.

وكانوا يسألون ويبحثون؛ هل تم تدمير الجيش المصرى كما كان قصد "إيدن" وشركاؤه فى العدوان الثلاثى، على أساس أن هذا الجيش، وأى قوة عسكرية وطنية فى مصر خطر على المصالح الاستعمارية؟ لم يتحطم هذا الجيش، وهو أقوى، وهو درع للقومية العربية كلها. ولقد كان مجرد ذهابه إلى اليمن نهاية لوجود الإمبراطورية البريطانية فى الجنوب العربى، وتحرير عدن نقطة الارتكاز فى خط المواصلات الإمبراطورى إلى الشرق.

وكانوا يسألون ويبحثون، هل تحولت قناة السويس تحت الإدارة المصرية إلى حفرة تملؤها الرمال، كما قال "إيدن" بنفسه وكما تنبأ؟ إن قناة السويس فى أحسن أحوالها بشهادة الدنيا كلها؛ إدارة أحسن من أى وقت، توسع أكثر من أى وقت، دخل أكثر من أى وقت، وهو دخل لشعب قناة السويس، وليس كما كان قبل ذلك للمغامرين وللدخلاء.

وكانوا يسألون ويبحثون؛ هل تبدد حلم المصريين فى بناء السد العالى لأنه أكبر من قدرتهم، ولأن تكاليفه سوف تكون عبئاً لا يستطيعون تحمله، كما ذكر "إيدن" فى كراهيته العمياء؟ السد العالى تمت مرحلته الأولى وتوشك مرحلته الثانية أن تتم، وقد بدأ فى حجز المياه فعلاً منذ سنتين وسيبدأ فى توليد الكهرباء بعد سنة. وكانوا يسألون ويبحثون؛ هل تحولت مصر بالتعامل مع الاتحاد السوفيتى إلى مستعمرة سوفيتية كما كان "إيدن" يهذى وهو يتحدث كذباً أمام مجلس العموم البريطانى فى نفس أيام المعركة عن كيف التقطوا إشارات باللغة الروسية بين قادة الدبابات فى سيناء، وعن مليونى بطانية وملاية معدة للجيش الروسى حين يجئ متخذاً من مصر قاعدة لغزو الشرق الأوسط كله.

أيها الإخوة:

مصر الآن أكثر حرية من بريطانيا نفسها.. بريطانيا تحولت إلى مستعمرة أمريكية إلى درجة لا تسمح لها حتى بمجرد إبداء الرأى فى أى قضية دولية قبل اختيار الألفاظ، وقبل الاستئذان من واشنطن.

وكانوا يسألون ويبحثون؛ هل سقط عبد الناصر نتيجة لتصميم "إيدن" ولقوله وقت العدوان: "إننا لا نكن عداء للشعب المصرى، ولكن عدونا هو عبد الناصر، وسوف نخلعه من مكانه ثم نترك الشعب المصرى لحاله بعدها"؟ لم يحدث ذلك؛ لأنه قد فات الوقت الذى كان يمكن فيه لأية قوة أجنبية أن تتحكم فى سياسة مصر. إن الشعب المصرى وحده هو الآن يملك أن يختار قيادته؛ يملك أن يرفعها ويملك إسقاطها.

إن الذين واجهوا شعب مصر بالعداء والكراهية، بالعدوان وبالحرب، وتمنوا تحطيم ثورته وتدمير جيشه وخراب مرافقه، وهدم آماله وتضييع حريته، والتدخل فى شئونه هم الذين دارت عليهم الدائرة ولحقت بهم الهزيمة.

وأما الشعب المصرى فقد حقق نصراً كاملاً شريفاً مجيداً وفاصلاً فى تاريخ الحرية كله. ولم يقف الشعب المصرى عند نصر سنة ١٩٥٦، وإنما تابع الخطى بعده تأكيداً وتدعيماً فى كل المجالات؛ فى الإنتاج، فى التحول الاشتراكى، فى الخدمات. فى سنة ٥٦ بعد الانسحاب البريطانى استطعنا أن نؤمم كل المصالح البريطانية والفرنسية الموجودة فى مصر؛ وبذلك خلقنا القطاع العام، وبذلك قمنا فعلاً بعملية ضخمة من أجل التحرير الاقتصادى، من أجل إقامة اقتصاد وطنى، ومن أجل إقامة تحويل اشتراكى.

يمكن لولا العدوان كنا وجدنا بعض الصعوبات فى هذا، ولكن هم اعتدوا علينا علشان ياخدوا قناة السويس ويخضعونا، ولكنا استفدنا أيضاً من العدوان. وبعد كده أممنا المصالح البلجيكية، ثم بعد كده أممنا كل المصالح الأجنبية، وخلقنا فعلاً الاقتصاد الوطنى، ولا يمكن لبلد أن يشعر باستقلاله أو بحريته إلا إذا كان هناك استقلال اقتصادى بجانب التحرر السياسى.

فى ميدان الإنتاج استطعنا بعد العدوان ان احنا ننفذ الخطة الخمسية الأولى، وقبل تنفيذ الخطة الخمسية الأولى استطعنا ان احنا نبنى، عملنا خطة صناعية، وصرفنا فى هذه المرحلة من أجل التصنيع ما يقرب من ١٠٠٠ مليون جنيه. بالنسبة للزراعة؛ صلحنا فى الخطة الخمسية الأولى نص مليون فدان علشان نتجه إلى استصلاح باقى الأراضى لاستقبال مياه السد العالى.

إذن الشعب المصرى لم يقف عند نصر سنة ٥٦، ولكن كان النصر حافز ودافع له لأن يبنى بلده لأن الاستقلال هو وسيلة لأن نبنى بلدنا.. احنا نتخلص من الاستعمار ونجابه العدوان ونضحى بالأرواح والدماء علشان نبنى بلدنا ونخلق المجتمع الحر.. المجتمع المستقل، وبعد هذا نخلق الاقتصاد المستقل، وبعد هذا نخلق مجتمع الرفاهية. سرنا فى بناء الخدمات، المدارس، المستشفيات، المجمعات الصحية، يمكن سرنا بطريقة أكثر من اللازم.. سرنا فى هذا ولم نتردد.

إذن أيضاً حققنا انتصارات كبيرة.

بعد انتصار سنة ٥٦ كان لنا هدف.. هدف كبير أن نبنى مجتمع جديد متخلص من آثار الاستغلال؛ استغلال الإقطاع واستغلال رأس المال.. نبنى مجتمع جديد يشعر أبناؤه فيه بالمساواة.. نبنى مجتمع جديد نذيب فيه الفوارق بين الطبقات، نقضى على المجتمعات القديمة التى قامت بين ربوع بلدنا، المجتمع القديم اللى قام على الاحتكار، واللى قام على الإقطاع، واللى قام على الاستغلال. وسرنا فى هذا الطريق، وقطعنا مشوار كبير من أجل بناء المجتمع الجديد. الاشتراكية؛ الاشتراكية هى الكفاية والعدل.. الاشتراكية هى الكفاية والعدل. معنى هذا أن نذيب الفوارق بين الطبقات، معنى هذا أن نبنى حتى نرفع مستوى الجميع. الاشتراكية مش معناها الفقر والتقشف، قد يكون التقشف مرحلة من المراحل، ولكن الاشتراكية معناها الرفاهية للجميع، والرأسمالية معناها الرفاهية لعدد من الناس، للرأسماليين.

الإقطاع معناه الرفاهية لعدد من الناس اللى هم الإقطاعيين، أما الباقى؛ الفلاحين والعمال يحرموا، ويؤخذ ناتج عملهم ليدخل جيوب الإقطاعيين والرأسماليين. الاشتراكية بعد القضاء على الإقطاع والقضاء على رأس المال المستغل، تسير فى طريق الكفاية والعدل لتبنى وتبنى باستمرار حتى يتحقق مستوى رفيع من المعيشة لكل الناس.

إذن ونحن نسير فى هذا الطريق؛ طريق بناء المجتمع الجديد نحتاج إلى جهد كبير ونحتاج إلى عمل؛ لأن لن نستطيع أن نرفع مستوى المعيشة الناس كلها إلا إذا زودنا الإنتاج؛ ودا السبب اللى من أجله بنقول ان احنا لازم نعمل ونعمل باستمرار لزيادة الإنتاج؛ معنى زيادة الإنتاج ان احنا فعلاً بنرفع مستوى المعيشة، بنذيب الفوارق بين الطبقات، ولكن هل النهارده مستوى المعيشة فى البلد مستوى واحد؟

لأ.. مستوى المعيشة فى البلد مش مستوى واحد، لسه فيه ناس بتقاسى من آثار الماضى. وأنا لا أستطيع أن أقول ان احنا فى الكام سنة اللى فاتوا دول - واحنا قعدنا لغاية سنة ٥٧ كان عندنا إنجليز وكنا بنكافح الاستعمار - ماقدرش أقول إن فى الكام سنة اللى فاتوا دول حققنا كل شىء، حنحتاج إلى عشرات من السنين حتى نقضى على البؤس الموجود فى عمال التراحيل والبؤس الموجود فى بعض الأنحاء، ولن تستطيع الاشتراكية فى يوم وليلة أن تقضى على هذا البؤس، لن تستطيع الاشتراكية فى يوم وليلة أن تقضى على الظلم الاجتماعى اللى قاسينا منه آلاف السنين، لن تستطيع الاشتراكية أن تغير وجه الدنيا بجرة قلم، ولكن نستطيع نحن - احنا الاشتراكيين اللى نعمل على بناء الاشتراكية - نستطيع بالعمل أن نخلق المجتمع الجديد فعلاً بان احنا نزيل البؤس بالتدريج. النهارده أعتقد ان احنا استطعنا أن نزيل البؤس بالنسبة لقطاع كبير من الناس، ولكن لازال أمامنا كفاح طويل، لازال أمامنا كفاح عنيف خصوصاً فى الأجواء التى تحيط بنا من كل مجال.

لم ننتصر فى قناة السويس بس، ولكن فى الإنتاج والخدمات والتحويل الاشتراكى، ولكنا انتصرنا فى تحقيق الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية، كما نص عليها الميثاق اللى صدر سنة ٦٢. والميثاق نص على الحرية السياسية والحرية الاجتماعية، وقال الميثاق: إنه لا يمكن أن تقوم حرية سياسية بدون قيام حرية اجتماعية؛ لأن عدم قيام الحرية الاجتماعية معناه أن الشعب سيخضع لسيطرة رأس المال المستغل، ويخضع لسيطرة الإقطاع، ويخضع لتحالف طبقة الإقطاع ورأس المال. وقررنا أن ٥٠% من المنظمات الشعبية ومن مجلس الأمة تمثل العمال والفلاحين، كان هدفنا فى هذا أيضاً أن نبنى مجتمع جديد، مجتمع ينتهى فيه التخلف والاستغلال والسيطرة لكى يبدأ عهد الكفاية والعدل وتكافؤ الفرص.

فى السنوات العشر منذ السويس وتأكيداً وتدعيماً لانتصار عظيم كامل شريف مجيد فاصل، حقق الشعب المصرى تحولاً ليس له مثيل فى بلدان العالم النامى كله. ليس هناك بلد وضع فى الصناعة مثلاً ١٠٠٠ مليون جنيه فى عشر سنوات، ومافيش بلد تحمل بمسئولية مشروع كمشروع السد العالى لتطوير الزراعة والكهرباء.

مافيش بلد حدث فيه التحول الاجتماعى اللى شهدته مصر، وانتقلت الثروة فيه من احتكار نصف فى المية من سكانه على حساب حرمان ٩٩.٥% من شعبه لكى تتحقق سيطرة كل الشعب على مقدرات الثروة، ويحدث هذا بأقل قدر من العنف، وبغير قطرة من دم على الإطلاق. مافيش هناك بلد تأكدت فيه لقوى الشعب العاملة كل أنواع التأمين المتاحة اجتماعياً لكفالة حياة حرة كريمة، المتاحة سياسياً لضمان وضع سلطاتها دائماً فى قيادة العمل الوطنى، كل التأمينات الاجتماعية الموجودة لغاية التأمين ضد البطالة حققناه.

ولا ندعى - أيها الإخوة - بهذا الكلام أن غيرنا من بلاد العالم النامى لم يتحرك، بالعكس احنا نرى تجارب باسلة تقوم بها شعوب حية، ولكننا نثق أنه حين تعد التجارب المرموقة فى هذا العصر - وتعد بإنصاف وتجرد - فإن التجربة المصرية تبقى أبرز النماذج وخير الأمثلة.

طبعاً أنا أما باتكلم معاكم باستمرار باتكلم على الماضى.. على اللى عملناه، وفى كلامى على الماضى لى هدف؛ الحقيقة احنا بنعمل عمل أكبر من قدرتنا، بنعمل على أن ننتقل من دولة متخلفة إلى دولة متقدمة.. بنعمل على نقل الدخل القومى من دخل محدود إلى دخل كبير، وزى ما قلنا بنضاعفه كل عشر سنوات؛ الدخل كان فى أول الثورة ٨٠٠ مليون، النهارده الدخل القومى ١٨٠٠ مليون.

نعمل على زيادة الإنتاج؛ الإنتاج فى أول الثورة كان ١٨٠٠ مليون، فى أول السنة دى وصل ٣٥٠٠ مليون، والأرقام دى قلتها لكم مرات عديدة قبل كده. بالنسبة للأجور وبالنسبة للتشغيل.. للعمالة، وبالنسبة للميزانية، أول ميزانية اشتغلنا فيها بعد الثورة كانت ١٩٤ مليون جنيه - مش ٢٠٠ - فى سنة ٥٣، الميزانية الأخيرة ١٢٠٠ مليون جنيه.

معنى دا إيه؟ معنى دا ان فعلاً مجالات العمل فى البلد كبيرة. وأنا بدى أقول لكم بقى حاجة؛ احنا بنعمل أكتر من طاقتنا.. بنعمل أكثر من طاقتنا، وبنصرف أكتر من طاقتنا، يعنى دخلنا أما بيكون ٦٠٠ مليون جنيه من الضرائب بنصرف ١٢٠٠ مليون جنيه.

بعدين بالنسبة للاستيراد من الخارج؛ بنستورد أيضاً أكتر من طاقتنا، والسبب فى هذا ان احنا مستعجلين. وبعدين بالنسبة للعمل فى الزراعة، بالنسبة للعمل فى الصناعة، بالنسبة للعمل فى الخدمات، بالنسبة للعمل فى النقل، بالنسبة للعمل فى كل المجالات انتقلت الدولة من دولة عبارة عن مجموعة من الإداريين والكتبة، إلى دولة تمارس فعلاً إدارة هذه المشاريع.

فيه حاجه بدى أقولها بقى بالنسبة لهذا الموضوع؛ واحنا ماشيين فى هذا الطريق ماكنتش متصور أبداً ان احنا فى سكتنا حنبلغ الكمال مية المية.. أبداً، زى ما فيه الإيجابى فيه السلبى، زى ما حنبنى مصانع زى ما حنغلط فى بعض الأمور، زى ما فيه ناس كويسين حيكون فيه ناس وحشين، زى ما فيه ناس حسنة التصرف حيكون فيه ناس تصرفهم سيئ.

طيب، هل احنا مش عايزين الكمال؟ لأ عايزين الكمال، ولكن لا يمكن فى هذه المرحلة اللى احنا بنشتغل فيها أكثر من قدرتنا ان احنا نوصل إلى الكمال فى كل شىء. بتيجى لنا مشاكل.. عندنا مشاكل موجودة؛ مشاكل فى المستشفيات، توسعنا احنا يمكن فى بناء المستشفيات، والجمعة دى سامع أنا شكوى ان بعض المستشفيات مافيهاش أدوية. الناحية الإيجابية ان احنا بنينا المستشفيات، الناحية السلبية ان بعض المستشفيات مافيهاش أدوية.

ولكن النواحى السلبية اللى بهذا الشكل نستطيع أن نتغلب عليها.. نستطيع، ولكن - نظراً لكبر المسئولية وكبر العمل اللى احنا بنقوم به، زى ما باقول لكم عمل أكبر مننا - نظراً لهذا لازم ننتظر الإيجابى والسلبى، ومش معنى هذا ان احنا ما نعالجش السلبى، ولكن يجب أن نعالج السلبى.

فيه مشكلة مواصلات فى القاهرة.. أنا عارف إن فيه مشكلة مواصلات فى القاهرة، باشوف الناس موجودة على المحطات نتيجة النمو والتوسع فى العمالة، والقاهرة زادت عن ٤ مليون، وانتم زدتم عن ٣٠ مليون. طيب اللى كان مابيركبش أتوبيس بيركب، بيقولوا هل ما زودناش الأتوبيسات؟ زودنا الأتوبيسات، وبعدين الكلام الأخير ان مهما جبنا أتوبيسات مافيش فايدة، الحل الوحيد ان احنا نعمل مترو تحت الأرض. اتكلمنا مع الاتحاد السوفيتى علشان نعمل مترو تحت الأرض، وهم وافقوا على أنهم يعملوا مترو تحت الأرض، بهذا بنحل المشكلة. لكن الحل الوحيد النهارده العملى لأزمة المواصلات ان أنا أزود التذاكر.. الحل الوحيد، لما حتزود التذاكر اللى بيركب له محطتين تلاتة فيستسهل إنه يدفع قرش يستخسر يدفع قرشين فى المحطتين التلاتة؛ وبهذا الناس بتمشى شوية جنب الأتوبيسات.. هو دا الحل العملى أن نرفع ثمن التذاكر، أنا باتكلم على تذاكر الأتوبيس مش على الرز، تذاكر الأتوبيس مش حتباع فى السوق السودا.. حد يطلع يشترى شوية تذاكر الليلة من السوق السودا، ولكن احنا رأينا إن ما نرفعش ثمن التذاكر بالعكس، وقلنا بنجيب أتوبيسات جديدة، وبنعمل مترو، وبنحسن فى المرور والطرق.

قصدى برضه من هذا المثل إن كل شىء فيه سلبى وفيه إيجابى. فيه أزمة مساكن موجودة، مطلوب منى أنا النهارده أبنى مساكن، قدرتى على بناء المساكن محدودة؛ لأنه موضوع اقتصادى.. موضوع مبنى على الأسمنت وعلى الحديد الموجود عندى، وأنا مااقدرش أستورد أسمنت وحديد من بره - ولو ان احنا السنة اللى فاتت استوردنا حديد من بره - لأنى ماعنديش عملة صعبة أدفعها ولا نقد أجنبى أدفعه أجيب أسمنت وحديد. دى المشكلة الموجودة؛ إذن المشكلة بنحاول نحلها بقدر الإمكان. وامبارح فى إنجلترا قالوا إنهم وقفوا حتى مشاريع الإسكان، رغم انها يعنى دولة كبيرة، ولكن اقتصادياً وقفوا عمليات البناء علشان يمنعوا التضخم.

فيه الإيجابى؛ فيه السد العالى، فيه قنال السويس، فيه التصنيع، فيه العمالة، فيه التأمينات الاجتماعية، فيه حاجات إيجابية لا أول لها ولا أخر، وفيه المساكن الشعبية، وفيه إصلاح الأراضى، وفيه تحويل الحياض إلى رى دائم؛ فيه حاجات إيجابية كتيرة جداً، ولكن أيضا فيه حاجات سلبية كل واحد فينا يعمل على ان احنا نصلح السلبى.

وبعدين فى البلاد اللى بره وضعهم بيختلف، البلاد اللى بنت نفسها؛ أمسك أوروبا.. لما بنت نفسها من القرن الرابع عشر أو الخامس عشر بتلاقى إن عملوا وتعبوا وبنوا نفسهم. نمسك أمريكا أما بنت نفسها.. أمريكا من ١٥٠ سنة أو من ١٠٠ سنة وأمريكا النهارده، مين اللى عمل هذا الكلام؟ هم اللى بيبنوا بلدهم، وهم اللى بيشتغلوا وبيتعبوا. وأعتقد إن اللى قروا التاريخ الأمريكى واللى قروا ازاى قامت أمريكا يقدروا يعرفوا ان أمريكا بتاعة النهارده مش هى أمريكا اللى كانت من ١٠٠ سنة. ولهذا لو واحد بييجى النهارده يقارن بينا وبين أمريكا باقول له والله إنك فى هذا غلطان، أو بينا وبين إنجلترا أو بينا وبين فرنسا، احنا بنبتدى من نقطة الابتداء اللى ابتدوا منها الأمريكان من ١٠٠ سنة؛ لأن علشان نعمل مجتمع صناعى، وعلشان نعمل مجتمع يشعر فيه الناس كلهم بالحرية، ويشعر الناس كلهم بالرفاهية عايزين عمل مستمر.

باتكلم عن اللى عملناه.. باستمرار بتلاقونى فى كل مرة بآجى هنا باقول عملنا وعملنا وعملنا؛ لأن طبعاً باستمرار اللى بيتكلم بيشوف الغلط، وأنا حتى يمكن التقارير اللى بتجيلى عن المشاكل أكثر مما بتجيلى تقارير عن النجاح، الأخبار السيئة باستمرار بتوصلنى والأخبار الكويسة ماحدش بيبلغنى هذه الأخبار الكويسة. وأنا عارف إن يعنى كل واحد حريص على إنه يشوف الحاجة الوحشة فين ويلفت النظر إليها، وبعد كده احنا بنصلح وكل واحد فى مجاله بيصلح.

الحقيقة دا السبب اللى خلانى أقول عملنا كذا وعملنا كذا، وسوينا كذا وسوينا كذا، ولكن برضه أنا عارف ان فيه أزمة مواصلات، أنا عارف إن فيه أزمة مساكن، أنا عارف إن المستشفيات فيها مشاكل، أنا عارف إن القصر العينى ماتحلتش مشاكله، حاجات كثيرة بهذا الشكل الواحد عارفها.

عارف إن فى بنك التسليف مثلاً.. ناس بتشتكى مثلاً من بنك التسليف إنه بيدى ناس ومابيديش ناس، وحاجات بهذا الشكل. ولكن بدى أقول إن فيه العمل الكبير اللى احنا بنعمله، اللى هو أكبر من طاقتنا.. فيه السلبى وفيه الإيجابى، وبنبص للإيجابى ونصلح السلبى، ولازم نفتكر باستمرار ان احنا بنعمل عمل أكبر من قدرتنا، وبنبنى بنا أكبر من طاقتنا، وإن الحقيقة لازم نمشى فى هذا الطريق وإلا بعدين نتعب كتير جداً. وإذا كنا وصلنا فى زيادة السكان إلى أكبر نسبة فى العالم - الباكستان أكبر نسبة واحنا نمرة ٢ - والزيادة ٢.٧، والإحصاء الأخير قال إن مصر زاد تعددها عن ٣٠ مليون، ومعنى هذا ان احنا كل سنة حنزيد مليون. طب حنوكل المليون دول منين إذا لم نعمل؟ يعنى لازم نعتمد على نفسنا.  

إذن لازم نبص للمستقبل بآماله الكبيرة، وآمال المستقبل الكبيرة لازم نجد معاها مشاكل كبيرة. والمستقبل بآماله ومشاكله الكبار أمامنا، والآمال تسير مع المشاكل دائماً جنباً إلى جنب، كل ما نلاقى مشكلة عندنا أمال وبنحلها، كل ما نحقق آمالنا بنلاقى مشكلة وبنحلها.

ومافيش أمل بيتحقق بالتمنى، الأمل يتحقق بالعمل.. بنبص للى فات، ونستخلص منه الدروس، ونحولها إلى خبرة علشان نخدم المستقبل ونساعد المستقبل.

قيام الثورة فى يوليو سنة ٥٢ وكذلك تأميم قناة السويس.. يوم الثورة الحاسم والمعركة الفاصلة معركة السويس لهم دلالات كبيرة بتنفعنا فى كل ما نعقد عليه العزم. فى يوم الثورة وفى المعركة الفاصلة فى السويس بيتضح لنا شىء: مافيش حاجة نخاف منها أبداً.. مانخافش، والثقة بالنفس والاستعداد للفداء واقتحام العقبات، يتضح لنا من هذا الدرس ان مافيش لهم بديل فى أى نضال يصمم على بلوغ أهدافه.

النقطة التانية اللى نستخلصها من الثورة والمعركة ان وضوح الهدف هو الجزء الأكبر والأهم من طريق النصر. يوم الثورة كان فيه المبادئ الستة المعروفة، وفى معركة السويس كان فيه وضوح للهدف وهو أن قناة السويس لمصر ومصر لشعبها. يوم الثورة وفى معركة السويس اتضح لنا أن الجماهير وحدها هى القادرة على الوفاء وعلى التحقيق؛ بدون الجماهير.. بدون التأييد الشعبى يوم ٢٣ يوليو ماكانش يبقى ثورة، ولكنه كان يكون انقلاب على السلطة. لكن كون الثورة فى ٢٣ يوليو كانت تعبر عن آمال وأمانى الجماهير، طبعاً دفع الجماهير إلى أن تؤيدها لتسقط الملكية التى كانت تمثل تحالف الإقطاع ورأس المال. وبهذا سارت الثورة وحققت الكثير من أجل الشعب العامل، والنهارده نحتفل بالعيد الرابع عشر لها ونستقبل العام الـ ١٥، النهارده بنبنى فى كل مكان. إن جماهير الشعب العامل صاحب المصلحة الحقيقية فى الثورة تؤيد هذه الثورة، بدون تأييد الجماهير ووضوح الهدف لها كان تأميم قنال السويس يتحول إلى مغامرة لا أمل فيها.

وزى ما قلت لكم يوم الغارات ما بدأت على القاهرة أنا قلقت - كان بالليل الساعة ٧ - وخفت لتتأثر الروح المعنوية للشعب بهذه الغارات، وكنت عارف ان الإنجليز - و"إيدن" بالذات - كان هدفه الأساسى أن يزعزع روح الشعب المعنوية. ولكن ركبت العربية ونزلت طلعت فى وسط الضلمة، كانت الأنوار مطفية بالليل، وكانت الناس بتنادى بالمقاومة والنضال والحرب.

وفى يوم مارحت الأزهر - يوم ٢ نوفمبر، وكانت أيضاً الغارات على القاهرة - كانت الناس على طول الطريق تقول: حنحارب الشعب العامل، الشعب اللى عارف إن الثورة دى بتاعته وقامت علشان تصفى الفوارق بين الطبقات، وقامت علشان تقضى على الاستغلال، وتقضى على الاستعمار، وتقضى على الاحتلال، وقامت علشان ترد له حقوقه. بهذا فعلاً استطعنا ان احنا ننتصر فى معركة السويس. واحنا كنا مجهزين المقاومة إذا كانوا دخلوا من بورسعيد لأن طبعاً قوة بريطانيا وقوة فرنسا قوة كبيرة لا نستطيع ان احنا نقول ان احنا حنقف قصادهم جيش لجيش، لكن بحرب التحرير والحرب الشاملة كنا نستطيع ان احنا نقف. لو لم تقف الجماهير أو لو تخاذلت ماكانش اللى حصل حصل بالنسبة للثورة، ولا بالنسبة للتأميم، ولا بالنسبة لاندحار العدوان وخطط العدوان واندحار مدبرى العدوان.

طبعاً من اللى فات دا كله بيتضح ان النصر مش كلام ومش حماسة، وإنما النصر عمل.. عمل شاق، عمل علمى، تضحية ونضال وفداء واستشهاد، ماننتصرش لما كل واحد يقعد فى مكتبه ويتكلم أى كلام، أى واحد ممكن يقعد فى مكتبه ويصور نفسه على أنه قادر على إصلاح الكون، وإنه يقول لأى حاجة اتعملى تتعمل، ويقول أنا مش عاجبنى دا ومش عاجبنى دا.

الممارسة هى السبيل الوحيد، والممارسة عايزة عمل شاق وتضحية، ماكناش حنقدر أبداً ندحر العدوان فى سنة ٥٦ بالكلام، لكن استطعنا بالنضال والتضحية والفداء ان احنا ندحر العدوان. ماقلناش الكفاية والعدل وأممنا بس، ولكن أممنا وبنينا مصانع.. ماقلناش نطبق قانون الإصلاح الزراعى بس - اللى هو قانون تحديد الملكية - ولكن كان لازم بعد كده نصلح الأرض البور، ونقيم السد العالى ونصلح أرض جديدة، ونستخدم كل نقطة ميه بتروح البحر. النصر عمل.. عمل شاق.. عمل علمى، النجاح نضال وتضحية وفداء، مش واحد بس اللى يناضل، لازم جماهير الشعب العامل كلها تناضل. قانون الإصلاح الزراعى اللى صدر فى أول الثورة كان إشارة مدروسة إلى كل ما هو قادم من تحولات سياسية واجتماعية فى مصر، اللى اطلع على هذا القانون فى الأول بيبين إيه الاتجاه، اتجاه نحو العدالة الاجتماعية، نحو الاشتراكية، نحو إذابة الفوارق بين الطبقات.

نجاح الإدارة المصرية فى قناة السويس كان هو الرد الحاسم على التحدى، وهو التأكيد بأن الشعب المصرى بطلبه ملكية القناة - وهذه الملكية حق للشعب المصرى -  قادر فى نفس الوقت على حسن إدارتها، وهى واجب عليه. طبعاً عارفين سحب الفنيين وسحب المرشدين، ورغم هذا استطعنا ان احنا ندير القناة.. الشعب المصرى استطاع؛ لأن اللى راحوا - محمود يونس والناس اللى راحوا معاه - ناس منكم.. أولادكم.. أخوتكم، الشعب المصرى استطاع هو إنه يحقق الإدارة السليمة.

٢٣ يوليو كانت ليلة الاستيلاء على السلطة فى الجيش، ونقل سلطة الدولة بالتالى إلى سيطرة قوى الثورة. وفى ٢٦ يوليو وجهت سلطة الجيش والدولة معاً ضد قمة النظام الحاكم فخرج الملك، وبعدها بشهور سقطت أسرة محمد على كلها، وتتابعت مراحل الكفاح.

بعد تأميم قناة السويس لم نقفل باب التفاوض، كنا على استعداد للتفاهم، ولم نكن على استعداد للتفريط حتى فرض علينا القتال وقاتلنا. طبعاً كلنا نعرف ازاى جات بعثة "منزيس" هنا وطلبوا تدويل القنال وإنهم ياخدوها، وهددونا ورفضنا التهديد، و"منزيس" ابتدى يتكلم فى الجلسة كلام يبان إن فيه روح التهديد.

وأنا كنت قاعد على المكتب، وكانوا خمسة من لجنة "منزيس" قاعدين حوالين المكتب، وكان "منزيس" اللى بيتكلم، وقالوا إنهم جايين بيبلغونا نتائج مؤتمر لندن، وقابلتهم طبعاً بكل ترحيب، وبدأ الكلام وقرار التدويل، وأنا رفضت قرار التدويل. وبعدين بدأ "منزيس" يهدد بطريقة يمكن غير مباشرة وقال: انت تعرف معنى هذا الكلام إيه، ودا معناه إن ستقابلوا ظروف صعبة، وحيحصل مشاكل، ولن تستطيعوا أن تواجهوا هذا الكلام. ولكن كان بيبان من حركاته ومن وشه ومن عينيه إنه بيهددنا لحساب بريطانيا، وأنا قفلت الورق اللى قدامى وقلت له: أنا مش مستعد أتكلم معاك، واحنا مابنقبلش التهديد، إذا كنتم عايزين تتفاهموا تتفاهموا، وإذا كنتم عايزين تهددوا أنا مابتكلمش والجلسة نعتبرها انتهت. اتعدل "منزيس"، واعتذروا الناس التانيين وقالوا إن هو لا يقصد شىء من هذا القبيل.

باقول دا ليه؟ احنا مستعدين للتفاهم مع كل الدول، وأثبتنا فى قنال السويس بعد التأميم ان احنا مستعدين للتفاهم، ورحنا الأمم المتحدة، وبعتنا مراقب لمؤتمر لندن، وكنا مستعدين نتفاهم، ولكن هم ماكانوش عايزين يتفاهموا.

احنا قلنا ان احنا مستعدين أن نتفاهم، ولكنا غير مستعدين إطلاقاً أن نفرط فى أى حق من حقوقنا. وعلى هذا الأساس فرض علينا القتال، وانتصرنا بعون الله، وحفظنا حقوقنا. قدمنا علشان ننتصر إيه؟ فيه ناس مننا ماتت.. فيه ناس ضحت بأرواحها. معنى هذا ان احنا علشان ننتصر ناضلنا وقاتلنا ومات البعض منا.. استشهد البعض منا، ولكن دا معناه ان احنا نستطيع أن نواجه التحدى، وان احنا مانخافش أبداً ونستطيع أن نواجه أى تحدى فى هذا العالم، مستعدين أن نتفاهم ولسنا على استعداد لأن نفرط.

طبعاً يوم ٢٣ يوليو ووقت العدوان فى معركة التأميم الحوادث ماكانتش تحت قيادة مجموعة من الناس اللى أنا أعرفهم بس.. أبداً، ناس لا عدد لهم فى كل مكان، معظمهم أنا معرفهمش لكن بلدهم، هى بلدى أنا لوحدى؟ ماهى بلدهم وشرفهم، هو شرفى أنا لوحدى؟ شرفهم، واجبهم ناحية إيجابية ظهرت: كل الناس طلعت تدافع، ناس طلعت فى بورسعيد وقاتلت وماتت، وناس اطوعوا فى الحرس الوطنى، وناس لاقوا العذاب وتحدوا الإنجليز فى بورسعيد.

دى قيادات.. طلعت قيادات فى بورسعيد أثناء احتلال الإنجليز لهم، وكانوا بيعملوا مجلات ومنشورات، وكانوا بيهاجموا الإنجليز وبيكتبوا على الحيط. هل احنا اللى عملنا لهم القيادات دى؟ لأ، ناس ما نعرفهمش، ناس من صميم الشعب.

إذن الشعب فيه قيادات تستطيع فعلاً انها تعمل الشئ الكثير بدون أن نعرفها، معنى هذا ان القيادات ليست قاصرة على المجموعة الموجودة واللى بتشوفوها وتعرفوها..لأ، فيه قيادات فى كل مكان استطاعت أن تحقق هذا النصر. ثورة ٢٣ يوليو، والنجاح اللى حققته ثورة ٢٣ يوليو، والخطوات اللى صارت بعد الثورة فيها ناس قادوا التغيير المادى والتغيير الاجتماعى غير القيادات المعروفة.

بالنسبة لقنال السويس.. اللى بيقروا الأيام دى قصة التأميم واللى حصل فى القنال بيشوفوا فيه ناس كانت بتناضل يوم التأميم علشان تعود القناة لمصر.. فيه المرشدين والمهندسين والعمال فى قناة السويس، والموظفين اللى كافحوا خلونا قدرنا ننجح ونقضى على كل الأكاذيب اللى كان "إيدن" بيقولها ان احنا لن نستطيع أن ندير القناة، الناس دول بيمثلوا قيادات فعلاً موجودة.

معنى هذا إيه؟ - ولو ان احنا رجعنا تانى نتكلم عن الماضى - بتبين إن اللى حصل فى الماضى دا تأثيره وفايدته حيظهر فى مراحل قادمة باقتحام العقبات، بالنضال، ووضوح الهدف، بالجماهير، بالشعب العامل، بالعمل الشاق العلمى المنظم، بالمرونة مع متابعة الهدف، بمشاركة العدد الأكبر من القيادات فى كل مكان، بكل دا يتحقق أى هدف ويتأكد أى نصر. الحاجات اللى شفناها فى المرحلة اللى فاتت نستطيع أن نستفيد منها فى المرحلة المقبلة من النضال.

المرحلة المقبلة - رغم اللى احنا شفناه دا - قد تكون أكثر صعوبة من المرحلة اللى فاتت لأن آمالنا ومطالبنا النهارده أكثر من آمالنا ومطالبنا من عشر سنين أو من ١٤ سنة. قدامنا خطة.. خطة طموحة جداً، ومع اننا حاولنا تخفيف عبء الخطة على الشعب العامل بان احنا مديناها من خمس سنين لسبع سنوات؛ لأن احنا حنستثمر أكثر من ٣٠٠٠ مليون جنيه، وقلنا استثمار ٣٠٠٠ مليون جنيه فى ٥ سنوات قد يتعبنا - وخصوصاً واحنا بنقابل ضغط خارجى - وقلنا نمدها إلى سبع سنوات. على قد طموح الخطة على قد مشاكل الخطة.. حتقابلنا مشاكل كتيرة جداً، مشاكل فى الإدارة، ومشاكل فى البنا، ومشاكل فى التصنيع، ومشاكل فى النقل، ومشاكل فى كل حاجة. طبعاً احنا لازم نسلم؛ لأن على قد الطموح والأمانى لابد أن تكون هناك مشاكل.

الناس اللى النهارده بيعملوا الحديد من مئات السنين فشلوا فى الأول، وفيه شركات قامت وفلست، احنا مثلاً أما بنبتدى بإنتاج الحديد بنقبل ان بيكون عندنا مشاكل، بس لازم نحل هذه المشاكل. أما بنيجى نعمل مصانع بيحصل حاجات.. فيه حاجة من الحاجات: جت الآلات والمصنع ما اتبناش؛ حاجة طبعاً تضايق لأنها بتأخرنا، ولكن فيه مشاكل قدامنا بالنسبة لهذا الموضوع كانت موجودة.

فى الخطة الجاية طموحها كبير ومشاكلها أكتر، ومع كده فعندنا المشاكل اللى باقية من الخطة اللى فاتت؛ مشاكل الاستهلاك، مشاكل الإدارة، مشاكل الأسعار، برضه مشاكل المواصلات، ومشاكل الإسكان. كل دى مشاكل نجاح ومشاكل طموح، ومشاكل سببها إن ٩٩.٥% من السكان الآن يطلبون الحياة ويرفضون أن تكون حكر للنصف فى المية. ومهما كانت مشاكل طموح ونجاح فهى مشاكل على كل حال حنقابلها، ولازم نعرف أما بنقولكم مثلاً زودوا ادخاركم، أما ما بتزودوش الإدخار بتخلقولنا مشكلة، بتخلقوا التضخم. ان احنا عايزين نشغل كل الناس؛ بنشغل كل خريجى الجامعة، بنشغل العمال.. أنا قارى النهارده ان احنا فى السنة اللى فاتت شغلنا حوالى ١٤٠ ألف عامل، فرص عمل؛ إذن على السبع سنين حنبقى شغلنا أكثر من مليون عامل.

خريجى الجامعة كلهم بيشتغلوا، اتعملت علاوات بالنسبة للموظفين دورية كل سنة. كل دا بيسبب زيادة فى الفلوس، وإذا ما عملناش قصاده إنتاج كبير جداً وصدرنا، على طول ينتج تضخم، ونتيجة التضخم هو زيادة فى الأسعار، وندخل فى حلقة مفرغة بالنسبة لزيادة الأسعار.

الخطة الجاية حتقابلنا مشاكل خلال عملنا، ولكن لازم نقبل هذه المشاكل، سوف نتعرض أيضاً خلال عملنا لضغوط أشد من الضغوط اللى تعرضنا إليها فى الخطة السابقة. احنا من أول الثورة واحنا بنقابل ضغوط.. من سنة ٥٢ علينا ضغوط أجنبية لا يتصورها عقل ولا يتصورها إنسان، ولكن أنا حادى مثل النهارده:

فى الخطة اللى فاتت كنا نحصل على القمح بعملة مصرية نتيجة لاتفاقية مع أمريكا، وكنا بناخد كل سنة حوالى ١٠٠ مليون دولار، بنعمل اتفاقية، بنستورد القمح، بندفع الثمن بالجنيه المصرى، الربع بتاخده كانت السفارة الأمريكية، الـ ٣/٤ بناخده احنا كقرض تانى علشان نستعمله فى الخدمات.  

النهارده مافيش اتفاقية مع أمريكا.. الاتفاقية خلصت أخر الشهر اللى فات، ولم تجدد الاتفاقية الجديدة. السنة اللى فاتت حصل اتفاقية لـ ٦ أشهر وكان فيه ست أشهر من غير اتفاقية. إذن لازم نرتب نفسنا على ان احنا حنشترى القمح من بره بالعملة الصعبة، محتاجين إلى قمح بأكثر من ١٠٠ مليون دولار، هذا القمح اللى كنا بنستورده الأول بالعملة المحلية مفروض ان احنا نستورده بالعملة الصعبة.. دا طبعاً أمر لازم نعمله.

واحنا شفنا ان اتقال ان احنا مش ماشيين كويس، واتكتب فى الجرايد ووكالات الأنباء؛ ولذلك أمريكا مش حتدينا القمح لغاية ما نمشى كويس، وزعلانين من حاجات.. مش بينا وبينهم، ولكن علشان اتكلمنا على إسرائيل ومفاعلها الذرى، واتكلمنا على السعودية، واتكلمنا عن الصين بما نشعر به ونؤمن به، ورأينا فى هذا بيخالف رأى أمريكا. الكونجرس الأمريكى أول امبارح قرر انه ما يديناش معونة أجنبية إلا إذا كانت هناك مصلحة قومية أمريكية تحتم إعطاءنا المعونة، معنى هذا إيه؟ ان احنا لازم نبنى خطتنا على أساس الاعتماد على نفسنا. طبعاً الخمسين مليون دولار دول معناها ان أنا حاشترى قمح بخمسين مليون دولار، وحانقص الخمسين مليون دولار من حاجات تانية. ولكن إذا ما سرناش بهذا الطريق، وإذا ما رتبناش نفسنا؛ معنى دا ان احنا على استعداد للخضوع والاستسلام، احنا ما احناش مستعدين نخضع ولا نستسلم، ورأينا حنقوله بصراحة، وحريتنا سنحافظ عليها بالدماء، الحرية اللى اشتريناها بالدم لن نبيعها بقمح ولا رز ولا درة ولا حاجة أبداً.

إذن الخطة الجاية فيها مشاكل أكتر، بيقولوا طيب ما كان عندكم القمح بيكفيكم!.. آه احنا ما بنقولش ان القمح نقص إنتاجه.. القمح زاد إنتاجه، بس انتم زاد إنتاجكم كمان فى نفس الوقت!.. معنى ان احنا عندنا كل سنة مليون، كنا فى أول الثورة ١٩ مليون، النهارده - بالصلاة على النبى - ٣٠ مليون، أنا باقول نشتغل جنب دا معناه ان احنا عايزين قمح.. مش بس قمح.. قمح وذرة لأن رقعتنا الزراعية محدودة.. عندنا ٥ مليون فدان، وبعد السد العالى حيبقى ٦.٥ مليون فدان، وبعدين ما عنديناش حاجة تانى غير كده، وسبيلنا الوحيد بعد كده إلى... سبيلنا الوحيد هو التصنيع. فلازم نستورد قمح من بره، واحنا طبعاً نقدر ما نزرعش قطن ونزرع قمح، ولكن بهذا تكون السياسة الاقتصادية بتاعتنا سياسة غلط؛ لأن القطن اقتصادى أكتر من القمح، وبيدى دخل أكتر من دخل القمح. إذن المرحلة الجاية.. الخطة الجاية بمشاكلها.. الضغوط اللى حنقابلها حتكون يمكن مشاكل وضغوط أكثر من الخطة اللى فاتت.

المرحلة القادمة وطموحها السياسى والاقتصادى والاجتماعى نحن نحتاج إلى كل الدلالات التى نستطيع استخلاصها من الثورة ومعركة القنال، نحتاج دائماً إلى وضوح الرؤية، ونحتاج إلى عمل فكرى مستمر يرتفع إلى مستوى التحديات، نحتاج إلى نضال وعمل قادر متحرر يملك الفعل ويملك رد الفعل ما قدمناش بديل لده، واحنا النهارده بنعتمد على أنفسنا، ما بناخدش مساعدة من حد، نبنى بلدنا بدراعنا والسبيل الوحيد هو السير فى الثورة، ليس هناك بديل لاستمرار الثورة فكراً وعملاً، تجربة وإنجازاً وتحقيقاً وتأكيداً.. الثورة فى كل المجالات والعمل فى كل المجالات. ماقدمناش بديل للانطلاق فى التنمية بأسرع ما يمكن، لا نستطيع التوقف أو التردد، قد نقبل بالانكماش ٦ أشهر أو سنة؛ لنعيد ترتيب أوضاعنا. احنا عاملين سياسة انكماشية يمكن فى هذه المرحلة قد تمتد إلى ٦ أشهر وقد تمتد إلى سنة، ولكن دا لن يكون السياسة المقررة لنا على طول؛ لأن معنى دا ان احنا مانعملش حاجة، لازم ننطلق فى التنمية بأسرع ما يمكن علشان نقيم المجتمع الجديد اللى احنا عايزينه. لازم ننطلق بكل قوة إذا انكمشنا ٦ أشهر أو سنة ما نقدرش ننكمش أكثر من ذلك، زى ما قلت الرقعة الزراعية محدودة، إذن التنمية الصناعية أملنا الكبير، الخطة اللى فاتت استثمرنا فى الصناعة والكهرباء حوالى ٥١٥ مليون جنيه، الخطة الجديدة ١٣٦٠ مليون جنيه.

الزراعة قاعدة أساسية لابد من تطويرها، فى الخطة اللى فاتت كان عندنا ٣٥٠ مليون جنيه استثمار، فى الخطة دى ٦٠٠ مليون جنيه للزراعة والرى.

إذن ماقدمناش بديل ان احنا نرفع الإنتاج، علشان أزود مستوى المعيشة وأرفع مستوى المعيشة لازم أرفع الإنتاج. وإذا كنا بنزيد بمعدل ٢.٧ مانقدرش نرفع الإنتاج بمعدل ٢.٧؛ لأن معنى هذا ان الحال حيفضل على ما هو عليه، واحنا كان قرارنا وتصميمنا ان احنا نرفع الإنتاج بمعدل ٨% سنوياً، إذن معنى هذا ان بيزيد فعلاً مستوى الدخل بالنسبة للفرد سنوياً ٥%؛ لأن الزيادة ٢.٧ يبقى الفرق ٥%.

طبعاً معنى دا إيه؟ معنى دا لازم تكون فيه آثار تضخمية موجودة؛ لأن بننزل فلوس وما بناخدش منها ناتج، وقلنا نزلنا فلوس فى السد العالى ونزلنا فلوس فى مشاريع بـ ٤٠٠ مليون جنيه فى الخطة  اللى فاتت؛ اللى هى ١٥٠٠ مليون جنيه، لسه ما جالناش منها عائد، الأرض اللى صلحناها لسه ما جاش منها عائد، إذن فلوس بدون عائد، إذن بيشتد الطلب بدون ناتج، إذن بيكون فيه تضخم، مافيش بديل عن ان احنا نمشى فى التنمية ونزود الإنتاج فى الصناعة والكهربا. السيد رئيس الوزارة، رئيس لجنة تحديد النسل أرجو انكم تسمعوا كلامه فى هذا الموضوع وتطبقوا الخطة اللى عملها بالنسبة للتنمية الاجتماعية.

يعنى العيلة اللى بتخلف عدد كبير من الأطفال ما بتقدرش توفر لكل هذا العدد العيشة الكريمة المقبولة، إذن الاقتصاد فى الخلفة خير على العيلة وخير على الوطن. وزى ما باقولكم مافيش داعى نخلف ولاد وتبقى معتلة الصحة؛ لأن أهلها مش قادرة تصرف عليها، طبعاً الرزق على الله دا كلام عارفينه، ولكن ربنا قال طبعاً ان احنا بنعتمد عليه ولكن لازم نعمل، والنبى قال: اعقلها وتوكل، ماقالوش تتكل على الله ويسيبها تتوه منه، فأنا مش عايزكم تتوهوا بالزيادة فى النسل بنبص نلاقى الخطة تاهت منا.

الحقيقة موضوع جدى جداً، أما نطلع أكبر نسبة فى العالم بعد الباكستان فى زيادة السكان، طبعاً نتيجة لهذا حنعوز قمح أكتر، ونعوز أكل أكتر؛ لأن احنا من ناحية الأكل ما عندناش كفاية ذاتية.. دا يساعدنا على ان احنا أما نعمل التنمية فعلاً التنمية بتنجح وبتدى أثر، لكن مع الزيادة الهائلة فى السكان، التنمية ما بتبانش ما بتديش الأثر المطلوب. حيبقى عندنا مشاكل وكل بيعمل على حل هذه المشاكل، مافيش بديل أمامنا من ان احنا نسير فى التنمية وفى كل الصناعة وفى الزراعة، ولازم أيضا نعمل ثورة فى الإدارة تغير أوضاع الإدارة تغيير أساسى. ناس كتير بتشتكى من الإدارة، والإدارة تمثل أخطر مشاكلنا الآن، واحنا عايزين نعمل ثورة فى الإدارة.. الدليل الواضح أمامنا هو تجاربنا الواقعة، ما احناش عايزين مستشارين أجانب وكتب وكلام من دا.. أبداً، أدى تجاربنا، ونجيب الناس ونسأل على مشاكل الإدارة، ونحل هذه المشاكل.

زى ما بنينا السد العالى بالروح العالية اللى كل العالم بيشيد بها، زى ما أدرنا القناة بالكفاءة العالية، لازم هذه الروح تتحط فى كل مشروع وفى كل موقع عمل. وعلى هذا الأساس نستطيع أن ننجح، مافيش بديل للبشر ولحماسة البشر، لازم نحرك حوافز البشر المادية والمعنوية، حوافز كل إنسان لازم تتحرك، الناحية الروحية والناحية المعنوية ثم ناحية الحافز. الناس ماهياش طوب والناس ماهياش آلات، الناس عايزه الكلمة والتوجيه والمكافأة حتى يمكن قد تكون الكلمة الطيبة مقبولة وبهذا تشتغل. والحوافز إذا وضعت فى إطارها الاجتماعى الصحيح وبرئت من الاستغلال ومظنات الاستغلال أكتر جدوى من الروادع ومن كل أجهزة الرقابة؛ إذن واحنا بنعمل الثورة الإدارية لازم نشوف هذا الموضوع ونضع فى اعتبارنا ان الإنسان يحتاج إلى الناحية المعنوية والناحية الروحية، يحتاج إلى الحوافز لكى يعمل.

فى الفترة القادمة قدامنا مجالات للعمل السياسى يجب ان نتحرك فيها، بهذه المناسبة باتكلم على الاتحاد الاشتراكى، فى الفترة الأخيرة الاتحاد الاشتراكى فعلاً أثبت وجوده فى كل مكان، ولكن أثبت وجوده بأن التنظيمات القيادية والجماعات القيادية الموجودة والمكاتب التنفيذية تحركت فى مجالاتها، كشفت الإقطاع، كشفت الاستغلال، كشفت الانحراف ودا شىء يبشر بالأمل الكبير. عايزين طبعاً التوسع فى قواعد الاتحاد الاشتراكى ولا نقبل إن يفضل بيننا منحرف، وأى لجنة فيها واحد ينحرف لازم تتكلم اللجنة دى وتعمل على إخراجه، ماحدش يجامل الثانى، ويجب فعلاً ان احنا ندى الأجيال الجديدة والشباب مسئوليتها، المسئولية إيه؟ طب الشباب بندربهم حيعملوا إيه؟ يمكن هم بيسألوا أنا باعتقد إن كل واحد يستطيع أن يعمل فى وطنه ما يمكن من تغيير مستقبل هذا الوطن فى مجاله. أستاذ الجامعة لو بيدرس فى الجامعة لو بيحضر المحاضرات ما بيغبش، لو بيدى الطلبة المقرر، لو بيفهمهم بيطلع ناس بيؤثروا على مستقبل هذا البلد.

الشاب اللى موجود فى حتة لو بيفهم الناس وبيوعى الناس ويعتقد اللى مناضل، مكافح من أجل أهداف عليا، مش من أجل فلان ولا من أجل علان، أهداف عُليا واضحة قدامنا عايزين نحققها ويحارب الانحراف فى مكانه.. وبهذا يكون الشاب بيعمل العمل اللى الوطن بيطلبه منه.

إذن المرحلة القادمة سنشاهد فيها استكمال بناء الاتحاد الاشتراكى وأيضا قيام اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، بالأمس قامت اللجنة المركزية للشباب، لسه الاتحاد الاشتراكى اللجنة المركزية لم تقم وبعد كده نتجه إلى مؤتمر قومى للاتحاد الاشتراكى، لكن علشان نعمل المؤتمر لازم يتم النظر فى كل القيادات لغاية القرية والوحدات الجماهيرية والوحدات الأساسية.

النشاط اللى موجود النهارده يدعو إلى الإعجاب ويبشر بالأمل، وقدامنا عمل فى المستقبل نعمله فى الاتحاد الاشتراكى أكتر وأصعب من العمل اللى عملناه لغاية دلوقت. واحنا باستمرار الحقيقة يمكن النقد كان أكتر من التقريظ، يعنى أنا برضه بالنسبة للجرايد وبالنسبة للمجلات ألاقى إن فيه نقد للاتحاد الاشتراكى، وأنا باقول إن يجب إنهم ينتقدوا، ونقد أيضاً للقطاع العام لدرجة يمكن بتتعدى المعنى المطلوب وبرضه باقول بنسيبهم ينتقدوا، ولكن فى نفس الوقت ما ننساش أما نقرا هذا النقد إن فيه عوامل إيجابية وعوامل طيبة موجودة فى الاتحاد الاشتراكى، يستطيع الاتحاد الاشتراكى النهارده أن يتصل بالجماهير وأن يحرك الجماهير، وأن يأخذ منها ويعطيها ويفهم مشاكلها ويحلها. والنجاح اللى وصل إليه الاتحاد الاشتراكى يبشر بالأمل فى المستقبل، وكل  اللى أرجوه ان احنا.. العمل.. الهمة اللى مشينا فيها نستطيع أن نضاعفها فى المستقبل ما نتخاذلش، خصوصاً بالنسبة للشباب؛ لأن الشباب دول هم سيمثلوا الأجيال القادمة اللى ستأخذ القيادة لهذه الثورة وستسير فيها نحو المجتمع الجديد. احنا لن نستطيع فى حياتنا ان احنا نبنى المجتمع الجديد اللى احنا بنتكلم عليه، لأن زى ما باقول إن فيه بلاد أخذت مئات السنين وهى بتبنى هذا المجتمع. إذا كنت باقول سأذيب الفوارق بين الطبقات وأدى الناس كلها حياه الرفاهية، هل نستطيع ان احنا ننتظر هذا اليوم؟ لأ؛ لأن الجيل الجديد هو اللى  حيأخذ المسئولية من أجل تحقيق هذا الهدف.
 

فى المرحلة القادمة أيضاً لازم نشوف عملية تقنين الثورة؛ الدستور الدائم، ومجلس الأمة النهارده بيعمل فى الدستور الدائم، سلطات الدولة وعلاقتها ببعضها، وعلاقات الأفراد ببعضها؛ أى علينا خلال الفترة القادمة أن نتم بناء مؤسسات الدولة الرسمية والشعبية وأن تتحدد الحدود والعلاقات، والدولة ليست إرادات فرد أو أفراد وإنما هى مؤسسات رسمية وشعبية يعبر كل منها عن مصلحة عامة وعن هدف عام. وأما نقول ان احنا علينا فى المرحلة القادمة ان نقنن للثورة ليست معنى هذا ان احنا بنجمد الثورة، وأما نقول ان احنا عايزين نبنى المؤسسات ونحدد عملها مش معنى هذا ان احنا بنمنع التطور. تعبير مؤسسات الدولة عن المصلحة العامة، والهدف العام لا يلغى دور التوجيه الإنسانى وقدرته المبدعة.

عمل القوانين قلنا برضه وقلنا قبل كده ان احنا عايزين نلغى القوانين القديمة ونعمل قوانين جديدة. فيه قوانين قديمة من اللى كانت قبل الثورة هى اللى بتسبب يمكن اللخبطة الإدارية ولخبطات كتيرة موجودة، كل دى لازم نلغيها إذن المرحلة القادمة عايزين نتجه نحو تقنين الثورة فى كل المجالات. الثورة مستمرة ودولة الثورة لابد أن تقوم على أسلم الأسس وأصلب القواعد، أسلم الأسس وأصلب القواعد هو الدستور والقوانين وتنظيم مؤسسات الدولة، والعلاقة بين هذه المؤسسات، تنظيم المؤسسات الشعبية. يجب أيضاً أن نعمل على قيام جيل جديد من القيادات فى كل مجال، يجب أيضاً أن نعمل على توسع الحكم المحلى ويجب أن نقيم الديمقراطية الفعلية، وهذا يعنى المجالس الشعبية اللى اتكلمنا عليها فى الميثاق ويجب أن نقيم سيطرة الشعب على الخدمات ودا كلام أيضاً جه فى الميثاق. إذن لازال قدامنا عمليات كبيرة جداً بالنسبة للبناء، الصناعة والزراعة والإدارة وبناء الدولة والبناء السياسي. ثم نصفى كل الجيوب الباقية من الاستغلال الإقطاعى أو الرأسمالى أو النفوذ. وقريتم وتابعتم كلكم فى الصحف إن فيه بقايا إقطاع موجودة، فيه مخالفات لقانون الإصلاح الزراعى الأول، الإجراءات اللى اتخذت كلها إجراءات متعلقة بقانون الإصلاح الزراعى الأول وقانون الإصلاح الزراعى الثانى لا علاقة لها بحدود الميثاق المقررة ولا بحق الملكية فى حد ذاته، أبداً. القرارات دى أيضاً اتخذت ضد الناس اللى بيمارسوا الإرهاب فى الريف، موجودين هنا فيكو ناس كتير من الريف، وعارفين ان فيه ناس بتستغل وناس بتستغل لأنها عندها أرض، وناس بتستغل لأنها تعتمد على الإجرام. والحوادث اللى الواحد قراها لم يكن يتصورها، واحد غفير مكنة، وكان بياخد إتاوات ومن الإتاوات دى عمل ثروة ٣٠٠ فدان. الناس اللى وقفوا فى وجه الإقطاعيين فيه ناس قتلوا وألقيت جثثهم فى شوارع القرى وقيدت الحوادث ضد مجهول؛ لأن الناس خافت تشهد عارفين احنا فى الريف بيحصل إيه.. واحد مثقف تمرد؛ دفن بجسمه كله، خدوه إلى المقابر ودفنوه فى المقبرة، دفنوا جسمه وخلوا رأسه بس طالعة وقعدوه هناك طول الليل، وفى الصبح طبعاً الراجل كان من التعذيب ومن العمليات دى فقد عقله.

حوادث أطلب أيضاً من المشير عبد الحكيم عامر اللى ينشر لكم هذه الحوادث علشان تعرفوا قد إيه الإقطاع والإرهاب كان بيعمل عندنا فى الريف. لا نستطيع أن نتكلم عن الحرية والريف مش حر، إذن لابد أن نصفى الإقطاع تصفية كاملة؛ ودا عمل لجنة تصفية الإقطاع. وزى ما قلت بنصفى الإقطاع فى القرية ونصفيه فى الاتحاد، مافيش الإقطاع والاستغلال والإجرام، بنصفيه فى الجمعيات التعاونية.. بنصفيه فى كل مكان، واللجنة دى لجنة مستمرة لن ينتهى عملها ستبقى باستمرار.

بعد كده علينا أيضاً فى المرحلة الجاية ان احنا نقاوم الانحراف الناس فيها الكويس وفيها الوحش، وفيه ناس بتنحرف، إذن اللى بينحرف لا نرحمه ويجب أن نقوم الانحراف. والانحراف بيظهر على أشكال مختلفة وأشكال متعددة ولكنا نستطيع الحقيقة برضه خلال العمل السياسى ان احنا نعرف الانحراف ونقوم الانحراف، وأيضاً يجب أن نهتم اهتمام أكبر فى المرحلة القادمة بالجامعات والجامعات هى اللى بتخرج لنا الجيل الجديد اللى بنعتمد عليه فى البناء، واللى بنعتمد عليه فى القيادة السياسية وفى البناء السياسى. وأنا مع الناس اللى بيقولوا إن مستقبل التطور يرتكز على دعامتين: للمجالس الشعبية المنتخبة اللى نص عليها الميثاق، والجامعات أيضاً تقوم بدورها كما نص عليه الميثاق؛ سواء بالنسبة للمناهج أو بالنسبة للتعليم، أو بالنسبة للأدوات أو بالنسبة للمعامل، أو بالنسبة للكتب أو بالنسبة للمكتبات، وباعتقد إن دا موضوع مهم جداً والتوفير فيه خسارة مش مكسب. وبانتهز فرصة الكلام عن الجامعات وأتجه إلى إخوانا المبعوثين اللى موجودين هنا، وإن شاء الله فى أثناء وجودهم هنا حاجتمع معاهم وأتكلم معاهم، ولكن الكلمة اللى أحب أقولها النهارده ان بلدهم هنا.. أهلهم، أبهاتهم، أمهاتهم، إخواتهم، شعبهم بيعلق عليهم أهمية كبيرة؛ لأنه منتظر إنهم ييجوا يقوموا بدور كبير فى عملية البناء.

احنا هنا طبعاً الشعب ما قصرش من ناحية واجبه نحوهم، ضحى؛ سواء بالنسبة للدراسة أو بالنسبة للجامعة أو بالنسبة لإرسالهم فى بعثات للخارج. برضه بتروحوا تشوفوا فرنسا وتشوفوا ألمانيا، احنا لا احنا فرنسا ولا احنا ألمانيا، احنا لسه بنى مر وقها وقليوب كده؛ يعنى ما تبصوش للقاهرة واللى موجود فى القاهرة، وتلاقى أكتركم جاى من الريف وأكترنا كلنا جايين من الريف. علينا مسئولية ان احنا نحول بلدنا زى البلاد اللى احنا بنتعلم فيها، هو دا إلى أنت تقدر تديه لبلدك لكن اللى يرجع بره من الريف الإنجليزى وأنا باسمع أنا مارحتش إنجلترا بيقولوا الريف الإنجليزى جميل جداً، وييجى هنا يقرف من الريف المصرى ويقول أنا شايف الجاموس والبقر.. وإلى آخر الحاجات اللى انتم عارفينها دى، والتراب والعفرة والترعة.. ما نقدرش نقرف من منبتنا، من الأرض اللى احنا اتخلقنا فيها، عايزين نعمل الريف بتاعنا زى الريف الإنجليزى، هو دا اللى احنا عايزين نعمله، هل بنقدر نقول له اتعمل يتعمل؟ أبداً.. لازم نشتغل ونعمل وننمى وتدخل كهربا ونصنع ونعمل زراعة ذات اقتصاد قوى. معنى دا إن العمل السياسى يجب أن ينمو ويصبح قادراً بالديمقراطية على الاحتفاظ بسلطة الدولة دائماً لتحالف قوى الشعب العاملة بدون حاجة إلى أى إجراء استثنائى.

لابد أن نهيئ أنفسنا للوضع الطبيعى، الوضع الذى يحمل من داخله عوامل استمراره، وضوابط استقراره وحوافز حركته ودوافع تقدمه. كل دا يجب أن يحميه جيش قوى.. الجيش الوطنى القوى اللى قلنا عليه فى المبادئ الستة، القوات المسلحة قامت بدور قوى، قامت بالثورة فى ٢٣ يوليو، اشتركت فى معارك الثورة، اشتركت فى العمل من أجل التطور الاجتماعى والاقتصادى، اشتركت فى الدعم العربى والقومى والآمال للأمة العربية كلها فى حماية رادع قادر على الحركة؛ الجيش المصرى يمثل رادع قادر على الحركة وعندنا المثل فى اليمن استطاع الجيش المصرى أن يتحرك إلى اليمن، وأن يعمل ويحافظ على الثورة اليمنية.

ننتقل إلى العمل العربى.. وحينما أتكلم عن العمل العربى أنتهز هذه الفرصة وأعبر عن سرورنا لحل مشكلة الأكراد فى العراق. واحنا  كنا دائماً ننادى بالحل السلمى بين أبناء الوطن الواحد. وقد استطاع العراق - حكومة العراق - أن تصل إلى اتفاق لحل سلمى، ودا عمل تشكر عليه وعمل يشعرنا إن الجرح اللى كان يستنزف قوة العراق يندمل وتبقى العراق قوة وسند للعالم العربى.

أيضاً أما أتكلم عن العمل العربى أشير إلى العدوان الإسرائيلى الأخير يوم الخميس اللى قبل اللى فات على سوريا وأقول إن السوريين استطاعت طائراتهم أن  تواجه العدوان، ولكن إسرائيل هى أداة العدوان وأداة للاستعمار واحنا مستعدين فى سبيل مواجهة إسرائيل ان احنا بننسق أكترعملنا مع الحكومة السورية؛ حتى نستطيع أن نواجه العدوان كجبهة واحدة. العدوان على سوريا هو عدوان على الوطن العربى كله.

وإذا اتكلمت عن العمل العربى باعتقد إنكم عايزين تسمعوا رأينا فى مؤتمرات القمة وسياسة مؤتمرات القمة، فى أخر ٦٣ دعيت إلى مؤتمرات القمة وكان السبب من الدعوة إلى مؤتمرات القمة توحيد العمل من أجل فلسطين؛ لأن الدول العربية كانت مختلفة وكانت متنابذة، وكان فيه انقسام واضح بين الدول العربية، وكان مجلس الجامعة العربية ومجلس الدفاع لا يحقق أى شىء؛ وعلى هذا الأساس وجدنا أن الواجب الوطنى يدعونا إلى أن نطالب باجتماع مؤتمر لقادة الدول العربية لبحث موضوع فلسطين وبحث موضوع تهديد إسرائيل، وبحث الموضوعات التى تمكننا من وحدة العمل من أجل فلسطين وتحرير فلسطين، واجتمع المؤتمر الأول فى سنة ٦٣.

طبعاً كلنا نعرف أن فيه تباين فى الدول العربية، فيه دول رجعية، وفيه دول متحررة، وفيه دول لها مصالح مرتبطة مع المصالح الاستعمارية، وفيه دول على الحياد بين هذا وبين ذاك. إذن فيه تناقضات موجودة فى الدول العربية، كنا نتساءل: هل هذه التناقضات الموجودة بين الدول العربية تعيقنا عن العمل من أجل فلسطين؟ وكان رأيى أن هذه التناقضات رغم وجودها يجب أن نتناساها، ونحاول مع الدول العربية كلها بتناقضاتها المختلفة أن نعمل من أجل فلسطين، وقد يشعر كل واحد أن قضية فلسطين هى القضية الأولى. وعلى هذا الأساس اجتمع المؤتمر الأول، ثم بعد هذا اجتمع المؤتمر الثانى فى إسكندرية، ثم بعد كده اجتمع المؤتمر التالت فى الدار البيضاء واستمرت المؤتمرات، وكان هناك نوع من التفاهم ونوع من التعايش، ولكن فى السنة الأخيرة وبالذات بعد مؤتمرالدارالبيضاء بدأت تظهر فى الجو العربى حاجات جديدة.. ظهر ان احنا كنا عايزين أن نقيم وحدة عمل عربى من أجل فلسطين، وعلى هذا هادنا الرجعية العربية على أساس إن الرجعية العربية ستشترك فى هذه الوحدة. وقلنا ان كل واحد مسئول عن بلده، وأن يكون هناك تعايش بين الأنظمة العربية المختلفة.

هل نفذت الرجعية العربية هذا الكلام أو لم تنفذه؟ احنا نفذنا هذا الكلام، ماهاجمناش حد ولا تآمرناش على حد، ولا انتهزنا هذه الفرصة لنطعن حد فى ظهره. ولكن فى السنة الأخيرة ظهر ان الرجعية العربية تحاول استغلال مؤتمرات القمة؛ اللى تنص على وحدة العمل من أجل فلسطين؛ لتقيم وحدة من القوى الرجعية ضد القوى التحررية والقوى الثورية وضد الجمهورية العربية المتحدة.

طبعاً ظاهر إن الحرية السياسية لازم يتبعها حرية اجتماعية.. بدأت حملات علينا.. اتصرفت أموال، بيصرف فى أمريكا ٥ مليون جنيه لمؤسسة أمريكية من الدول الرجعية العربية؛ بالذات من السعودية، علشان تعمل دعاية ضدنا توزعها فى أمريكا وتوزعها فى الكونجرس الأمريكى، وهذه الدعاية مافيهاش ولا كلمة ضد اسرائيل، كل الكلام اللى فيها ضد الجمهورية العربية المتحدة، تطبع كتب وطعن فى الاشتراكية والجمهورية العربية المتحدة. أما راحوا الحجاج فى السعودية السنة دى - وموجود منهم طبعاً ناس منكم هنا - عملت ضدنا حملة دعاية واتوزعت منشورات وكتب كلها كذب وكلها افتراءات، وكل دا سارت فيه الرجعية العربية اللى احنا هادناها ولكنها ترى الخطر فى المبادئ والكلام اللى احنا بنتكلمه، وترى أن العدالة الاجتماعية ستقضى على الاستغلال اللى بتقوم به. طبعاً بعد كده بدأت عملية المؤتمر الإسلامى أو الحلف الإسلامى. وموضوع الحلف الإسلامى دا موضوع مش جديد؛ لأن موضوع الحلف الإسلامى دا فى سنة ٥٧، أما سعود رجع من أمريكا، قالوا له الأمريكان اعمل حلف إسلامى علشان تجمد التطور اللى موجود فى العالم العربى. وجا سعود اتكلم معانا و"أيزنهاور" كتب هذا الكلام فى مذكراته.

إذن الحلف الإسلامى موجه ضدنا، موجه ضد قوى التحرر وقوى الثورة فى العالم العربى. طبعاً الإسلام قوة دافعة، الإسلام ثورة، التضامن الإسلامى نحن فى أشد الحاجة إليه، ازاى نعمل من أجل الإسلام؟ إذا كنا عايزين نعمل من أجل الإسلام نتجه نحو الدين ومش نحو الاستغلال السياسى والاجتماعى، نعمل مؤتمر لعلماء الدين الحقيقيين، نعمل مراكز الفكر الدينى فعلاً، ما نجمعش السماسرة والإرهابيين من حزب الإخوان المسلمين والمرتشين والمتاجرين. وأنا أقدر أحط أسامى المرتشين والمتاجرين اللى بيجتمعوا فى ما يسمى النهارده بالمؤتمر الإسلامى أو رابطة المؤتمر الإسلامى، ولكن كل الناس عارفاهم، وأنا مش عايز أقول أسامى. ممكن علماء المسلمين يجتمعوا فى الأزهر الشريف فى القاهرة، أو فى الحرم فى مكة، أو فى المسجد الأقصى فى القدس. احنا على استعداد، بهذا نقول آه دا فعلاً إسلام مش دجل ولا استخدام إسلام فى السياسة. أما أن يجتمع علشان يبحث فى شئون الدين.. شاه إيران، وكلنا نعرف إن شاه إيران ما يعرفش حاجة فى الدين، وواقف فى وجه رجال الدين فى بلده، وبيقضى أكتر أوقاته وإجازاته بره فى أوروبا، ولا يمكن إن شاه إيران هو اللى يقعد علشان يفتى لنا فى الدين الإسلامى ويقول لنا إيه الدين الإسلامى اللى احنا نتبعه؛ لأن شاه إيران مش راجل دين ولكنه راجل سياسة. يجلس تانى مين؟ بورقيبه، طب بورقيبه إدى فتوى بإفطار رمضان وأبطل الصوم فى رمضان ونادى بالصلح مع إسرائيل. بورقيبه عميل ومهووس، هنجيب واحد عميل ومهووس ونقوله أقعد اتكلم فى الدين؟! لا يمكن، إذا كنا... أنا باقول مهووس مش عايز أقول مجنون. إذا كان المؤتمر الإسلامى بهذا الشكل أما بييجوا يقولوا رؤساء دول إسلامية ويقعدوا على طول، أول رؤساء الدول ما يقعدوا يبقى الوضع سياسى ما بقاش أبداً وضع دينى. ممكن يكون وضع دينى، ممكن يكون وضع اقتصادى، ممكن يكون وضع اجتماعى أما الحلف الإسلامى أو المؤتمر الإسلامى فهو عملية هدفها الأساسى هو وضع البلاد العربية داخل مناطق النفوذ الاستعمارية وهو البديل لحلف بغداد.

طبعاً الرجعية العربية تآمرت - رغم مؤتمرات القمة - على ثورة اليمن، واحنا أنذرنا ان احنا سنضرب قواعد العدوان، تآمرت الرجعية العربية على ثورة الجنوب العربى، وتواطأت مع الإنجليز. برضه لاحظنا فى السنة الأخيرة تعاون مطلق بين الرجعية العربية وقوى الاستعمار، وإن فيه تعاون وتضامن بينهم للعمل ضد القومية العربية وقوى الثورة والتحرر العربى.. صفقات السلاح المشبوهة التى تستهدف العرب ولا تستهدف عدو العرب، بدليل الأسلحة اللى بيديها لبعض العرب هو الذى يعطيها لأعداء العرب، اللى سلح إسرائيل هو اللى بيسلح السعودية، هو اللى بيسلح الدول الرجعية الموجودة فى المنطقة. الطيارين الإنجليز وأنتم قريتم أول امبارح الكلام عن الطيارين الإنجليز، الاتفاق بين السعودية وبريطانيا على إن بريطانيا تديها طيارين إنجليز، وفيه طبعاً فى السعودية بعثه عسكرية أمريكية وفيه أيضاً بعثه إنجليزية.

إذن السنة اللى فاتت الرجعية انتهزت فرصة مؤتمرات القمة لتتآمر ضد القوى الوطنية العربية، لتتعامل مع الاستعمار وتوحد مخططاتها مع مخططات الاستعمار، وتستر نفسها تحت اسم المؤتمر الإسلامى.

إذن يحق لنا أن نبحث هل فعلاً مؤتمرات القمة حققت الهدف منها؟ واللا الهدف منها كان هدف طيب، هدف سامى، ولكن الهدف يتحقق بدل وحدة العرب من أجل فلسطين، وحدة الرجعية ضد القوى الثورية العربية ووحدة الرجعية مع الاستعمار.

سألنا نفسنا السؤال: إيه الجدوى ان احنا نروح ونحضر المؤتمر ودا الجو؟ حنروح نعقد اجتماع عربى ونقعد نقول لبعض ازيك، سلامات وازى الصحة ونشرب قهوة ونشرب شاى وتتعمل عزايم ونطلع؟ ومعنى هذا ان احنا برأنا العناصر الرجعية براءة كاملة من التهم اللى يدينهم بها الشعب العربى فى كل مكان. إذا اتكلمنا ودخلنا ونسفنا المؤتمر بإن احنا حنصارح الرجعية بكل الأعمال اللى بتقوم بها ونقيم عليها الاتهام، معنى هذا إن المؤتمر بينتهى وبيتفشكل وتكون نهاية سيئة، وفيه نتيجة لهذا المؤتمر مؤسسات نعتبر إنها مؤسسات مفيدة وعزيزة علينا، أولاً منظمة التحرير وجيش فلسطين، والقيادة العربية الموحدة، وهيئة استثمار روافد نهر الأردن، ودى أعمال لها فايدة وأخيراً استقر رأينا على الآتى:

فى هذا الجو الحالى اللى بتقوم فيه الرجعية متعاونة مع الاستعمار بالعمل ضد القوى الوطنية العربية، ونرى أنها استفادت من مؤتمرات القمة لتنتقل من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم على القوى الوطنية العربية؛ إذن احنا لا نستطيع أن نجلس مع هذه القوى الرجعية فى مؤتمرات قمة قادمة وإلا معنى هذا ان احنا بنديهم رد اعتبار رغم التهم المسلطة والملقاة فوق رؤوسهم. معنى هذا ان احنا الجمهورية العربية المتحدة لن تذهب إلى مؤتمر القمة القادم، ولكن مش معنى دا ان احنا انسحبنا من مؤتمرات القمة. احنا طلبنا من الدول العربية واتصلنا بها وحنطلب من الجامعة العربية أن يؤجل مؤتمر القمة إلى أجل غير مسمى، والله إذا انتهت هذه الأساليب التى يظهر منها تحالف الرجعية مع الاستعمار ضد القوى الوطنية العربية بدلاً من وحدة العمل من أجل فلسطين، إذا رجعنا وشفنا ان فيه إمكانية وحصل كلام شرف واتفاقات حقيقية على عدم الغدر والسير فى الطريق السليم كان بها، يبقى فيه فرصة لعقد المؤتمر.

أما إذا سارت الأمور على الشكل اللى هى ماشيه عليه النهارده إذن المؤتمر حيكون بالنسبة لنا لا يمكن لنا ان احنا نحضره. إذا أرادوا باقى الدول إنهم يعقدوا المؤتمر يعقدوا المؤتمر، ولكنا لن نستطيع أبداً أن نحضر هذا المؤتمر والحال على ما هو عليه؛ الشىء اللى أنا ذكرته لكم الرجعية العربية تستفيد من المؤتمر وتضرب القوى الثورية العربية. طبعاً دا سيحرمنا من زيارة أرض الأبطال فى الجزائر الذين كان مقرراً أن يعقد المؤتمر فى عاصمتهم، لكننا نثق أن الفرصة التى سوف تجمعنا قريباً، كما أننا نثق فى تقديرهم - تقدير إخواننا الجزائر - لكل الظروف والملابسات الرجعية سيئة النية، الاستعمار يساندها، واحنا بعد هذا سوف نتعاون فى إطار الجامعة العربية وخارج إطار الجامعة العربية مع الذين نشعر أننا على صلة بهم من وحدة الهدف.. ووحدة الهدف ليست وحدة دستورية، ووحدة الهدف تحقق الاستقلال الكامل، إدراك ضرورة التطلع إلى العدل الاجتماعى والعمل له. وحدة الهدف وهذا ما نسعى إليه، وقوفنا مع أمانى الشعوب العربية بغير حد وبغير تحرج وبغير تردد أمام أية مخاطر، استعدادنا بصرف النظر عن أية اتفاقيات مكتوبة وبصرف النظر عن الأنظمة الاجتماعية إلى الاشتراك فى الدفاع عن أرض أى بلد عربى ضد أى عدوان إسرائيلى واستعمارى، ونحن بالنسبة لسوريا على استعداد لتنسيق الدفاع معها، ذلك ثبت وتأكد فى كل الظروف. دا بالنسبة للموقف العربى ورأينا بالنسبة لمؤتمرات القمة.

بالنسبة للعالم كله؛ نحن نسعى لإيجاد علاقات طيبة مع العالم كله، ونحن نهتم بحركة التحرير الوطنى فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، ونحن نهتم بعدم الانحياز وسعينا لتأكيد وتجديد مفاهيمه، وعدم الانحياز هو الموقف المستقل إزاء أى قضية؛ متحرر من أى التزام إلا التزام المبادئ وحدها.

طبعاً كلنا نشعر النهارده أن الموقف يتدهور، وأخطر شىء النهارده فى تدهور الموقف هو ما يحدث فى فيتنام.. طبعاً العدوان الأمريكى على فيتنام الشمالية يؤثر تأثيراً كبيراً على إمكانية حل المشكلة بالطرق السلمية. نحن نعمل من أجل السلام ولكننا لا نستطيع غير أن ندين سياسة القوة وأن نندد بالعدوان. الشعوب لا تستطيع أن تقرر مصيرها تحت القنابل، ولا أن تبنى حياتها وسط دمار الحرب، الشعوب فى كل مكان تريد السلام، لكن السلام لن يقوم إلا على العدل وعلى الحق.

شعبنا.. الشعب العربى، يدرك أكثر من غيره مقتضيات البناء وأهمها توفير السلام. شعبنا يدرك أكثر من غيره إنه بغير المبادئ لا يقوم سلام، ونحن - أيها الإخوة - نثق فى حتمية انتصار المبادئ.

إن شعبنا عاش سنوات نضاله الثورى كلها تحت راية المبادئ، انتصر، وسوف ينتصر بمشيئة الله دائماً؛ لأن مبادئ الحق والعدل، مبادئ السلام والخير هى لمحات من إرادة الله عز وجل. وفقكم الله.

والسلام عليكم ورحمة الله.