أقـوى من اللفظ أحزانـى وأشجانـى

فالدمع ألجم بعد الحـزن تبيانى

ماذا أقول ونيران الأسـى لهب

فى هجعـة الليل قد شبت بوجدانى

"جمال" باتت جمـوع الأرض والهة

تبكى ضياء خبا فانـدك بنيانى

يا قائد الركب يا حـادى قوافلنا

يسير جحفلنا من غيـر ربان

كم كنت تسبق فى الدنيـا الجموع علا

واليوم تسبق فى أحضـان رضوان

هلا سمعت حديثا بـات يذكره

فى كوكب الأرض قاصيهـا مع الدانى ؟

وهل سمعت نحيبا للقلـوب به

لفح من الحزن بل أصـوات نيران ؟

الناس تبكى جمالا غيـر واعية

فما تصـدق هذا الخطب عينان

هذا الذى مـلأ الدنيا بقوته

هز سمع المعـالى صوته البانى

وعاش كالنور يهـدى فى مواكبه

من سد مسلكه تدبـير شيطان

بل عاش كالنار تعطـى الدفء شعلتها

ويختفى من لظاها كل ثعبـان

الموت يا سيد الأبطال فى حـذر

يسعى للقياك سعـى المشفق الحانى

يهاب قوة نفس أنت صـانعها

وأنت مبدعها فى كل ميـدان

يا لهف نفسى على الثـوار ليلهم

بعد الفراق كئيب مظلـم عان

والهف نفسى على الأحـرار صبحهم

صبح كليل الأسـى فى جوف بركان

والهف نفسى علـى أطفال عالمنا

تبكى ملاكا بـدا فى ثوب إنسان

والهف أفريقيـا تبكى عليك دما

ثكلى فقد ضـاع منها الابن والحانى

والهف مصـر وأهل الأرض قاطبة

تنعى فتى ذكـره آيات قرآن

جمال عذرا إذا عجـز اللسان فما

بالقول بل بنحـيب القلب تبيانى

فى جنة الخلد مثواكـم ومبعثكم

فانعم بها منحة مـن كف رحمن

 


* عبد الرحمن مصطفى، " زفرة ألم"، المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، (القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 153 – 154 .