تحملَ فـوق احتمـال البشـــر |
وخاطـرَ بين القضـا والقــدر | |
وعاش لمصـر قـوىّ النضـال ، |
شديـد المـراس عظيـم الأثـر | |
وعاش جمـال بنـور اليقيـن ، |
وعاش لمصــر بعيــد النظـر | |
يُهدهد بالصبـر أمــر الصـعاب |
يُزلزل بالحــق ركـن الخطــر | |
لقد صان للعـرْب وجه الكرامــة |
ملء الفـؤاد ومـلء البصـــر | |
ففى الشـرق جلجـل ناقوســه |
فهز نـداه القُــرى والحضــر | |
وفى الغــرب كانت له هيبــة |
يطيب بها الذكــر أَنّـى خطـر | |
وهل كان يقصـد غير الســلام ، |
يرفرف فـوق جمــوع البشــر | |
وهل كان ينظـر غير العــدالة ، |
يسعى لها وافـدو المـؤتمـــر | |
وهل كان ينصـر غير الحقــوق |
شذا عُرفهـا(1) كعبـير الزهــر | |
أبا العـرب ، كنت مثال البطـولة |
لاحت لنـا رائعــات الصــور | |
سل الثـورة استـوثقت خطهــا |
ألــم تكُ رائـدها المنتصـــر | |
زحـمت الحياة بإعـجازهـــا |
وسـرتَ علـى الدرب لم تختصر | |
وكنت لنا العبقــرىّ الأبـــىّ |
شعاعك يبهـر ضــوء القمــر | |
لأنتَ الحيـاة بأبعــادهـــا ؛ |
كفـاحٌ وكـدٌ وكــرٌ وفــــر | |
تحملتَ فــوق احتمال البشــر |
وغامــرت بين القضـا والقـدر | |
وأسمعتَ أصـواتنا للطغــــاةِ |
وواريتهــم ظلمــات الحفــر | |
وعاش الفقيـر علـى ذمــــة |
من العهــد تُوليــه خيـر الثمر | |
فما كنت إلا الشجــاع الهُمـام ، |
زهــا نجمــه فى سماء العُصُر | |
رفعت اسم مصر إلى الفرقدين(2) ، |
وضمختــه(3) بالعبيـر العطـر | |
وسجلت تاريخهـــا حافـــلا ً |
بصدق الجهـاد وبُعــد النظــر | |
جمعت العــروبة فــى وحـدةٍ |
تذود عن العـرب شتـى الغير(4) | |
حقنت الدمـــاء بأردنهــــا |
ووصيت بالسلــم فـى المؤتمـر | |
وداعاً إذا آن يــوم الـــوداع ، |
وحان الرحيلُ وطــال السفــر | |
فؤادك مـلء فــؤاد الزمــان ، |
وذكرك مــلء الدنـا ما استتـر | |
وفى الخلد عِش فى رحاب الجنان ، |
تلقاك حــور بأحلــى السَمــر | |
وفى ظلهــا يُستطــاب البقاء ، |
وفى جنـة الخلـد نعـم المَقــر | |
* عبد العزيز بيومى، "وداعاً"،
من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم
الاجتماعية، 1973)، ص 155 – 156. |