هـى الأقـدار ترمـى لا تبالـى   ولو عصـفت بأوتـاد الجبــالِ
أصـابتنا الجـراح   وفاجأتنــا   بمــا كانت تخبئـه الليالـــى
وسلت من سمــاء  العرب نجماً   أضـاء لقومــه  سبل المعـالى
هوى الجبل الأشم ونحن نمضـى   نـداوى فتنـة  بيـن الأهالــى
لرأب الصـدع فى قطـر   شقيق   تعـرض للدمــار   وللقتــالِ
لقد كان الفقيــد   لنـا منــاراً   وصمصــام البطـولة  والنضالِ
تداهمنـا الخطــوب فنتقيهــا   بآراء الرجــال  ذوى الفعــالِ
وكان جمــال فينــا  لوذعيـاً   ومقدام الصفـوف بــلا جـدالِ
تجشــم مـا تجشـم فـى جهاد   وصابـر ثـم صابـر فى احتمالِ
ليربط أمـة فصـمت  عـراهـا   بجمع الشمـل مـن عـم وخـالِ
ويحيـى وحـدة العـرب  انتماء   لأصل سـاد فى العصـر الخوالى
رأى قومـا  تمزقهــم حــدود   وهـم فى ظـل جهـل  واحتلالِ
رأى ابن العرب  فى فقر وضعف   وفى بلـوى  افتـراق وانفصـالِ
يغـذى نــاره   غـزو لئيــم   ويحكمهـم بقانــون النضــالِ
ويمتص البــلاد بغيــر حـق   ويدفـع بالشعـوب إلى الضـلالِ
ليهدم صــرح أجيـال  تـربت   علــى خـلق  الشمائل والخلالِ
وبالأخــلاق سـادت ثـم قادت   بها وصـلت إلى قمــم  المعالى
رأى هذا جمـال  فـى  ذويــه   فآثـر أن يثــور ولــم يبـالِ
ليصـلح أمـةً ويعيـد  حقـــاً   لتمكيـن العـدالة بـاكتمـــالِ
ويرجع للعـروبـة مـا  أضاعت   من الأمجـاد فـى زمـن  المحالِ
وحقق ما استطـاع لخيـر  شعب   بكاه اليـوم بالدمــع الهطــالِ
(أناصر) نـم قريـر العيـن  حياً   وضيفـاً للكريـم وذى   الجـلالِ
أرى الأقــوام قـد هبت وثارت   مـزودة بعــزم  وانتضـــالِ
لطـرد الغاصبيـن بـكل  شهـمٍ   تسلـح بالرجـولة   للنـــزالِ
سنرجـع أرضنـا مـن سالبيهـا   ونفديهـا بمــرتخص وغــالِ
بنـى مصـر  الكرام وخير شعب   أعزى مصــر  والشعب المثالى
عن اليمـن الحـزين  لكم عزائى   كلانـا فـى المصيبـة غير  سالِ
فقاهـرة المعــز  لها نــحيبٌ   كذا عــدن وصنعـا  فى انفعالِ
أخـى فى مصـر لا تجزع لهول   وشمـر للكفــاح بـلا انشغـالِ
لتسـكبها دمـاءً لا   دمــوعـاً   تراق على السهـول أو التــلالِ
لتطهيـر البــلاد وغسـل  عارٍ   لننقذ كل شبــر مــن  رمـالِ
هبوا مصــر  الحبيبـة كل جهد   وصونوهــا بـأرواح ومــالِ
لتبقـى للعـروبة خيـر حصـن   وللأحــرار فاتحــة  المجـالِ
وتحمـى من أتـى للحـق يسعى   وتسقيـه مـن النيــل الـزلالِ
أرى جمـع الصفـوف لكم سياجاً   يقيكـم شــر أحــداث  الليالى
به تحمـون وحدتــكم لتبقــى   تقاوم كل حســـاد   وقـــالِ
ومصـــر قلبنا وبهــا نباهى   وعاشت مصــر رمـزاً للنضالِ
إذا ما سيــد فيكــم تــوارى   (فسادات) يليــه علـى  اتصالِ
     
     


 * محمد عبد الهادى العجيل، "تحية وداع"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 243 ـ 244.