ربض الجيش على خط القنــاة |
وعلى شطآنهـا ألقـى عصــــاه | |
أيها الجيش أعــدها للحمــى |
فلـذة قـد نزعوهـا مـن حشـاه | |
هــى قلب النيـل إلا أنهـــم |
وضعـوها بين أضــلاع ســواه | |
ساقت المـوت إلى مصــر وإن |
بعثت فـى الشـرق والغـرب الحياة | |
هذه الحفـرة مـن عمقهـــا ؟ |
ذلك الجســر المعلــى من بناه ؟ | |
سائلوها يجبكــم ســاحــلها |
من أبــوه ؟ يعـرف الطـفل أباه | |
رب فـلاح شـكت فـى كفــه |
فأسـه الصـماء إذ خـــارت قواه | |
لم يزل يحفــرها حتـى جـرى |
ماؤها وهو مشــوب بـدمـــاه | |
أمـة الـدولار مُـدّى غيــرنا |
من عبيـد المـال واستجدى رضـاه | |
اسعفـى بالمـال شعبـــاً آبقاً |
لفظتــه أرضـه لـفظ النــواة | |
كيف يستجـديك شعب مـــاؤه |
من لجيـن ومـن التبـر ثـراه ؟ | |
إن فى مصـر قناة قد جــرى |
ذائب الماس بها مجــرى الميــاه | |
سائلــى التاريـخ عن ســائلها |
ـ وهو أرض ـ كم جبى منه الجباه ؟ | |
سائلــى عهــد المماليك ومـا |
شــاده فـى مصـر عن سـر غناه | |
مـرج البحـرين فى مصر الذى |
شقت النيـل وأجـرتــه يـــداه | |
ملتقى البحــرين نيـل آخــر |
فى الحمـى أحلـى من الشـهد جناه | |
منجـم لا يـنضب الزيت بــه |
وغنـى لا يبلـغ الحصــر مـداه | |
أمــة الـدولار غُلت يـدهــا |
عن بنـى مصـر به شـاهت وشـاه | |
فادّكرنـا حيـن ضـنت مـورداً |
قد تــركناه مباحــــاً للســقاة | |
شرب الناس به بل سبحـــوا |
فيه والمصـرى مـا بل صـــداه | |
حينما قال جمــال "أمــمت" |
رقص الـــوادى وغنّت ضــفتاه | |
وسرت فــى كل عطف هِــزة |
وتمشت بسمــة فـوق الشفـــاه | |
وأظل النيل عيــــد شامـل |
فيه حيّا كل مصــــرى أخــاه | |
ما بنــى التأميــم سـداً عالياً |
بل بنـى للنيل جاهـاً أى جــــاه | |
هنأ الثــورة مــن خاصمهـا |
وعلى قائـدهـا أثنــى عـــداه | |
وأقــرت بسناهـــا أعيــن |
تنكر الصبــح إذا لاح سنــــاه | |
لجمــال كل يــوم خبـــر |
من حديث المجـد يرويـه الـرواة ؟ | |
يرهف الغــرب له مسمعـــه | سائلاً هل كذبتــه أذانــــاه ؟ | |
هل شجاهــم أننا شعب صحـا | من كـراه بعـد أن طـال كــراه ؟ | |
أيها الشــرق أذعـــه نبــأ | يقــرع الآذان فـى الغـرب صداه | |
أن مصــراً حـرة فى أرضهـا | شعبها يبـــرم فيهــا ما يــراه | |
لم تعد مصــر طعامـاً سائغــاً | لجياع الغــرب من شــاء طهـاه | |
لم تعد تحكــم مصــراً أسـرة | تشترى العــرش بإحنـاء الجبــاه | |
دولة حاكمهــا مــن أهلهــا | شعبها الحــر من الشعب اصطفـاه | |
كادح مـا أترفتـه نعمــــة | عرك الدهـر طويــلاً وبـــلاه | |
ما رأى فى مهـــده ملعقـــة | من نضــار خالص تمـــلأ فـاه | |
لا علـى سلطانـه يخشــى ولا | يرهب الفقــر إذا الفقـر اعتــراه | |
رب ميــدان به هُجــــر أو | خنــدق فى ظلمــة الليل احتـواه | |
واجه المـوت فلـم يحفل ومـن | واجـه المـوت يواجـه ما عَــداه | |
يحكـم التدبيـر إحكـام الذى يقرأ | الغيب ويـدرى مـــا طــــواه | |
ويسـر الأمــر إســراراً فلا | يعرف الكهـان ســراً قد نـــواه | |
يؤثـر البغتة فــى تصــريفه | ومــع البغتـة تــوفيق الإلــه | |
هو والنصــر حليفـان فمــا | ســار إلا وهو يمشـى فى خطـاه | |
يطلق السهــم فلا يدمــى بـه | جســداً لكنــه يعبــى الرثــاه | |
وهو يـدرى من سيـُردى سهمه | ومتى يرمــى وفـى أى اتجــاه ؟ | |
أيها الغــرب اتئــد إن هنــا | ضـرغماً قام يحامــى عن شَـراه | |
لا يبالــى حين يحمــى حقـه | لو عـدا الدهـــر عليه لرمــاه | |
يطلب الحــق بجيش باســـل | يحسن الزحـف علـى ظهـر الغُلاه | |
جنده فى البحــر حيتـان وفـى | حالق الجـــو نســور وبــِزاه | |
لا يحــق الحـق إلا قــــوة | تفعل القـوة ما يعيـــى القضــاة | |
* الأهرام ، 2/8/1956 ، ص4. |