كنا على موعــد للنصـر ميمـون | لراية الحـق تعلو فـى فلســـطين | |
وأنت تمضــى بنا يا حب أمتنـا | لشاطئ رائـع الأمــال مأمـــون | |
من المحيط حملت العبء مصطبـراً | إلى الخليـج ولـم تأبــه لمأفــون | |
ولا تعثرت .. والدرب الطويل بـه | ألاف .. ألاف تجــار التــلاويـن | |
هذا يقــول ويهـذى دونمـا عمل | وآخـر غائص فى الوحـل والطيـن | |
وأنت فارسنـا المـرجو رائـدنـا | لجولة الحــق فى وجـه الشياطيـن | |
فمــا وهنت ولا كلت يــداك ولا | استسلمت يومــا لإعصـار لتنــين | |
هى العـروبة مـن عينيـك نابعـة | يا صرحها .. وهى نبض فى الشرايين | |
من الفلوجـة حتى السـد ما وهنت | يد إلى المجـد تسمـو بالقـرابيــن | |
يد هـى الشعب من أعماقه انطلقت | مسيــرة الفجـر ، شمـاء العـرانين | |
مدت جنـاح حنـان دافـق عـرم | باسم العـروبة ، بـاسم الله مقــرون | |
حنت على الأمـة الثكلى .. ترد لها | تاريخها السمـح ، محمود المضـامين | |
شـراعها نحــو آمـال مجنحـة | تعيش فى حلـم فى الصـدر مكنـون | |
على طـريقك شعب باسـل بطـل | محصن .. بهــداه ، أى تحصــين | |
فما هوت رايـة أودعت صاريهـا | إلى رفيق أخ فــى الله مـأمـــون | |
على الطريق .. وباسم الشعب يرفعها | حتى يركزهـا فى سهــل حطيــن | |
فالشعب فى يـوم الاستفتـاء أعلنها | صـوت المـلاييـن إذ أدلـى بآميـن | |
قد قال للصاحب السـادات قولتــه | معا سنمضى ، بإخــلاص وتمـكين | |
طريقنـا أى "مشـوار" تسيـر به | بالدم نعبــره لا بالريـاحيـــن | |
بإخــوة من جنـود الله قد ربضوا | على القنال .. كأفــواه البـراكيــن | |
لهـم على قبــة الأقصى لهم أمل | يضـئ كالبـرق فى ليـل التشـارين | |
قد أقسمـوا بتـراب أنت حارسـه | بالنيل يجــرى سخـاء بالبســاتين | |
بكل حبة رمـل أشــرقت وزهت | لما سعيت إليهــا بالقــوانيـــن | |
بكل أحلامهــم تسمــو مجنحـة | بكل بيت بنــور الفكــر مسـكون | |
قد عاهــدوك لقاءات مكـــررة | على القتال على استئصـال صهيـون | |
هى العــروبة . رايـات مخضبة | تواقة للقــاء فــى الميــاديــن | |
ما طأطأت .. أو حنت للريح هامتها | يوما ولا استسلمت للــذل والهــون | |
ولا تهـاوت علـى أقـدام طـاغية | ولا أبيـحت .. ولاذت "لنيـــرون" | |
نمتك عمـلاقها من عمـق نكبتهـا | فجئتها بسنا كالســيف مسنـــون | |
يضـئ درباً دجا واسود واشتجرت | فيه الذئـاب .. وأشتـات الثعــابين | |
جمـال إنى فدائـى .. وذى سمتـى | اسمـى ووجهى .. وتعبيرى وتكوينى | |
إنى فـدائيك الباكـى وما حـزنت | عين الفدائــى إلا يـــوم تأبيــن | |
ما كنت أوثـر أن أبكيـك كنت أنا | أرجوك فى المسجـد الأقصـى تلاقينى | |
لما رفعت يـدى للهـول قلت له .. | هذا جمـال معى فى الـدرب يحمينى | |
هذا جمـال فـدائى .. أبـى وأخى | وكل أهلـى .. ألبيــه .. يلبينــى | |
وسرت.. أطلقت نارى وهى مخلصة | فرحت تدعمنـى .. صـدقا وتعطينـى | |
وكلمـا اشتعلت نـارى وشب لهـا | وقد تنـاديت بالتأييــد تحبـونــى | |
حبيب كل أبـى ثائــر بطـــل | وكل معتقل شهــــم ومسجــون | |
وكل مضطهد فى الأرض مضطرب | وكل مستضـعف أو كل مغبــــون | |
قد كنت ملجأهـم ، حباً ، ومرحمـة | وكنت صــدراً لآلاف المساكيــن | |
فما دجــا الليل إلا كنت مشعلهـم | على طريق الهدى .. والحق .. والدين | |
جمال أطفالنـا فى كل مغتـــرب | غنوك أحلــى ترانيـم الحساسيــن | |
أبا رحيمـاً وقلباً واسعــاً لهــم | قد كنت فى عالــمٍ قاسٍ ومجنــون | |
حقنت نهــر دم جــارٍ بلا سبب | بين الأشقــاء مجــروح ومطعـون | |
وأدتهـا فتنة دهمــاء .. داهيــة | كادت تطيــح بآمــال المــلايين | |
جمال عهـدك فى قلبـى وفى شفتى | وفى عروقــى ، وفى نبضى يغذنـى | |
جمال اسمـك راياتـى التى ارتفعت | فى لجة الهـول .. أعطيهـا وتعطينى | |
جمال عهداً على شعبـى أســجله | مهما تـدور به ســود الطــواحين | |
ليزحفن إلى الأقصــى وكلمتــه | جمال قال ، فيا أرواحنــا هـونـى | |
جمال قال : إلى الأقصــى نحرره | عهداً علينا على الشــم المياميـــن | |
* هارون هاشم رشيد، "شهيد الفداء"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 201 ـ 203. |