خطـوَا له اللحد حيث اعتزت القمـمُ   ووسـدوه وفى أحضـانـه  علــمُ
ترنـو له أعيـن الأجيـال  حـالمةً   فكـم تـحقق فى أيامــه حـلــمُ
بل زاد عن منتهى أحـلامنا وغـدت   ببعض بعض سنـاه تحلــم الأمـمُ
كالنجـم شد عيـون   العرب فالتفتوا   وأقبلوا فى إنطــلاق  كاد يلتحــمُ
قد شـدهم صـدقه والحب   يسكبـه   عذبـاً فعبوا جميعـاً منه وازدحمـوا
سـاروا على نهجه للمجـد  مرحـلةً   ياليتهـم يكمـلون الشـوط ليتهــمُ

***

يا باعث الثـورة الكبـرى وحارسها   من كل من عبثـوا  دهراً ومن ظلموا
خلصت شعبـك مما ذاق مـن  عنت   لما رميت به طغيــان من  حكـموا
لمـا رميت فلـم يرهبـك  طاغيـة   من الملـوك والاستعمــار  خلفهـمُ

***

أطلقت للشعب روحـاً كان قيــدها   بأس الطغـاة  وللأغـراب بأسهــمُ
حتـى أتيت فــردت روح  أمتنـا   من بعـد ما كاد أن يغتالهـا العــدمُ
وأصبـح الشعب كلاً فى مسيرتــه   سيان من حَكَمـوا فيه ومـن  حُكموا

***

خلصت عنصـرنا الغالـى فعاودنـا   مما لنا عـزمنا  الخـلاق والهمــمُ
وراح يسطـع فينـا  من أصـالتنـا   الصبـر والعـزم والإخلاص  والقيم
تحثنــا ولدينـا الـروح  واثبــة   وكلنا فى مجــالات  العــلا نهـمُ
عند الســلام بنينا كل شـامخــة   وفى الحـروب بنينا وهى تضطـرمُ
وأنت فى الكل بعض الكـل تدفعهـم   أنت الامــام لهم بل أنت  ظهرهـمُ
تبنى مع  الشعب لا تدرى إذا ارتفعت   هل كنت تبدؤهــا أم كنت  تختتـمُ

***

أيقظت فى جيلنـا الواعـى عروبتنا   ورحت تجمـع من فيها قد  انقسمـوا
نحيت عنها بحــزمٍ   كل شائبــة   لم يبق من جرحهــا فى جنبهـا ألمُ
ورحت تجمـع صـفاً كان  فـرقـه   لؤم العــداة بما دسـوا  وما زعموا
فكلهم كلهــم   شعب تجمعــــه   دار ويحكــم فيما بينهـــم  رجمُ
ويجمع الأهــل حب لا يطيـح  به   مهما تفنــن  مـوتــور ومنتقـمُ
ترسـى لوحدتنا الكبـرى  دعائمهـا   حتى تقـوم فلا يوهــى لها قــدمُ
قد كنت تعــرف  أن  العبء يثقلها   وأنها فـوق ما نــادوا وما عـلموا
فـرحت تعمل فى ميدانهــا عمـلاً   يحكى أولى العزم ماشادوا وما عزموا
تبنــى بنــاءً إذا أيـامنا عصفت   بالراسيـات فـمالت ليس  ينهــدم
وتبذل الجهــد لا شئ تضــن به   ياما جــرى عرق من أجلهـا  ودم
حتـى قضيت شهيـد  الجهد متصلاً   مستعجلاً تستحث النصـر  تقتحــم
وحطــم النسـر لم تمنعـه  مقدرة   على النضــال وقلب ليس  ينهـزم

***

حم القضـاء وسلوانــا الرضاءُ به   لله مـن فعله فـى خـلقه حكـــم
لبيت ربـك مـرضيـاً تـلوذ  بـه   كـم كنت بالله فى الأهـوال  تعتصم
مكانك الحـق فى  الجنات ما وسعت   للمتقين وما فاضـت بهــا النعــم
ونومك الهــادئ الهانـى  يطمئنـه   بعد ابتعـادك أن الأهــل ما  عقموا
وأن قومــك  والأعــداء شاهـدة   إذا انطــوى علـم منهم بــدا علم
وحسب روحــك إرضـاء  وتعزية   أن الجميـع بما  خططت ملتـــزم
     
     


 * محمد التهامى، "شهيد العروبة"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 47 ـ 49.