وهبت وألهمـت  عمـــرى فـكان   قرابيـن  وفَّتــك أصــدق  حب !
فمـاذا دهـانـى ؟ كيف  احتمــلت   وقـد كنت  عمـرى ـ أن تحتجب ؟!
وحاشاك يـذهب عمـــرى سـدى   وتحسـب نــزوة  فــكر  وقلب !
بـروح السمــاحة يا شعـر  فاغفر   عقوقـى سنين  مضـت كالـحقب  !
رثيت أبــى ثــم واريت شعـرى   كأنــى فقـدت بــه  الموهبـه  !
وجفت ينابيــع روحــى  فبـاتت   حياتــى  مــوحشــة مجـدبه  !
وروعت .. لكننــى لــم أقــاوم   ونــوديت  .. لكننــى لم أجـب !
وعلك أغضـــبت .. عاقبتنـــى   فلــم  تـوح من بعد لى .. لم تهب !
ولكننــى اليـــوم أجثــو  لديك   أعفـر  وجهــى بوديـان "عبقر" !
عسانى ـ رغم ذهــول المصاب ـ   أجيب  .. أعـبر .. أرثـى .. أفـى !
ورغم الضيــاع الذى هالنــــى   فقد  ضــعت أكثـر إن لم أعبـر  !
أرى الكلمــات حيــارى  .. نعم !   يزلزلهـــا   خطبــاً   المـدلهـم
أرانى تخيــرت أعصـى  الأمـور   وأصعبهــا  فى أشــق  المـواقف
على أنـه هكــذا  قــد تــحدى   وثــار ..  وناشـدنـا أن نقـاوم  !
جمال المــلايين .. روح  المـلايين   يــوم أتيت  كأكــرم  ثائــــر
جمال المــلايين .. حب المــلايين   طــول  السنيـن التى هى "ناصر"
جمال المــلايين .. حزن  المـلايين   يــوم  رحـلت رحيــل  الخـلود
فما هو ســــرك ؟ أذهلتنـــا !   تــرى  هــو أنك أحببتنـــا ؟!
أم الســر أنك مصــــر  الإرادة   مصـر  الشجاعة .. مصـر المنى  ؟
وأنــك  تـاريخهـــا كلــــه   وأنــك  إلهـــام من بعــدنا  ؟!
وكان يناديـــك  فـــلاحـــها   وكنت  بعصــر الظــلام   تضيئ
يجــور "الممــاليك" جيـلا فجيلا   ويهتف  باسمــك : صبـراً جميلا  !
أبــى أن يــذل ، فما استعبــدوه   .. وإن  كان يحســب بين العبيـد !
وينــزف واقعــه  ودمــــاءه   ويصنـــع  إيمانـــه  كبرياءه !
وينظــر للأفــق المــرتــجى   ويعلــم  أنــك ســوف  تجيـئ
     
     


* مصطفى بهجت بدوى، "رثاء الزعيم الخالد"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 65 ـ 66.