سَطّـروا من جـوى الصـدور  رثاءَهْ   ومن الصبــر والتأسـى عــزاءَه
واذْكـروه فى الخـالديـن  ولا تنــ   ـسوا مــدى  الدهر عزمه وإبـاءَه
واذْكـروا بأسـه إذا ما أهـاب  الــ   ـحق يومــاً به فلبــى  نــداءَه
اذْكــروه وخلــدوا  لجمــــال   يا رفاقـــى  وفــــاءَه وولاءَه

* * *

كان فــرداً فى أُمــة مـا رأى التا   ريـخ يوماً ـ فيمن  رأى ـ نظراءَه
كان أُسطــورة وأعظــم  من أُسـ   ـطورة فى احتوائــــه  أعـداءَه
طرد الإنجليـز من مصـــر لمّــا   ثلَّ عــرش الباغـى  ودك  بنـاءَه
وقناة الســويس أممهــا   قســـ   ـراً فكانت كمـا ابتغــاه  وشـاءَه
وبنــى للعلـــوم فــى كل إقليـ   ـم صـروحاً بــروحه  البنــاءَه
فغدت مصـرُ كعبةَ الشـرق فى العهـ   ـد الجمـالىِّ : هـالةً  وضّـــاءَه
بعلـوم الدنيـــا التـى نقب الإنــ   ـسان عنهـا كتابـــةً  وقــراءَه
وعلــوم الديــن التى بعث  اللــ   ـه إلينا بنــورهــا أنبيـــاءَه
وبنى الســد قاهــرَ النيـل عمـلا   قاً فأضفـى على الصــحارى  ماءَه
صيـر الجـدب روضة  خلع الخِصـ   ـب عليها بهــاءَه   ونمــــاءَه
فاذكــروا الســد إن ذكرتـم جمالاً   أو نظمتــم بشعــركـــم آلاءَه
واذكروا الشعبَ ـ يوم نعى أبى الشعـ   ـب جمــالٍ ـ رجـالَه  ونسـاءَه
وهو يبكـى زعيمـه البطـلَ الفــر   د ويشـكو لربــه بُرَحَـــــاءَه
جزع الشــرق يوم أن فقد الشــرق   هـداه ورشـــده  وضيــــاءَه
ونعاهُ الناعـى فما جــاءَ  بالإِفـــ   ـكِ ولا فنــد الأســى  أنبَــاءَه
فبكته الـدنيـا وجــاءَ  يــواسـى   قومَـه مـن شعوبهــا  من  جـاءَه
شاطــروه أحزانــه فتلظـى الــ   ـحزن نـاراً فشــاطروه بــكاءَه
وَد كلٌّ لو جـاد  بالــدم   والــرو   ح وبـالأَنفَس  الأَعــز فـــداءَه

* * *

يا رفاقـى صوغـوا القـريض عزاءً   لذويـه  والحـامليـنَ  لــــواءَه
ولكل الأحــرار  مــن كل شـعب   حاولَ الــواغل  الــدخيل فنـاءَه
فتصــدى له (جمال) بمــــا  أو   تىَ من حكمـــة فأَنهــى  بقـاءَه
ومضــى ذلك الــدخيل   إلى غيـ   ـر مــآب يــجز خزيـاً  رداءَه

* * *

يا أبـا الشعب مـا لنا فى قضـاءِ الـ   ـله من حيـلة إذا   الله شــــاءَه
كل أمــر يــرد غيرَ قضـاءِ  الـ   ـله . من ذا الـذى يرد قضــاءِه ؟
فاسكن الخـلد هانئــاً فى  جوار الـ   ـله واغنـم فى ظـله  نعمـــاءه
أنت أحــرى بأنعــم  الله فاللـــ   ـه كريــم يُوفـى  الكرِيمَ جـزاءَه

* * *

يا شباب العُـرْب الأُلى عقد  النصــ   ـر عليهم ـ  موحـدين ـ  رجـاءَه
واصلوا السيـر فى  طريق أبى الشعـ   ـب جمالٍ ، ألستمـــو  خلفاءَه ؟!
إنكـم ذخــر ذلك الوطِـنِ  الأكــ   ـبرِ فى الشــرق فاسـحقوا أعداءَه
واستميتوا فى الـذود عن كل  شبــرٍ   من ثــراه الغالـى ولو عن هبـاءَه
كلكــم .. كلكــم جمال فمـــا ما   ت جمال. لـكن فقدنــا  لقـــاءَه
فعلى نهجــه القويــم مع  الســا   دات سيــروا مـــدججين وراءَه
فالطــريق الذى  تـوخـى  جمـال   سيرَه فيه قد مضـــى  تلقـــاءَه
حامــلاً مِشـعل الــرئيس جمـال   مرسـلاً  فى دجى الخطـوب ضياءَه
إنه العــاهل الــذى  اختــرتموه   فلتكونــوا من حــوله  نصـراءَه
إنه رائــد العـروبــة من بعـــ   ـد جمال . وقــد عـرفتم  وفـاءه
     
     


* حسن محمد البغدادى، "رثاء"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 131 – 133.