هـل كان يخــطر لحظة بالبال
|
|
نـبأ يباغتنا بـفقد جــمــال ؟ |
المـوت حـتم لا محـالة واقـع
|
|
مهـما استطـالت فسحـة الآجـال |
لكـن فـقـدان الزعـيم فـجاءة
|
|
خطـب يؤجـج كـامـن البـلبال |
لم تشـهد الـعينان قبـل رحـيله
|
|
مـا طـبق الآفـاق مـن أهـوال |
لم تسـمع الأذنـان قبل نـعيـه
|
|
ما روع الأسـمـاع مـن إعـوال |
طاشت عقول الناس وانهارت قوى
|
|
جـبـارة لـم تـخش يـوم نزال |
سـارت جمـوعهم وكـل نـادب |
|
ما عز مـن مـثـل ومـن آمـال |
يـبكون ذا طـهـر وإنسـانـية
|
|
هـطـالة بـالخـيـر والاجـمال |
وكـأن كـل ابن وكـل بـنيـة
|
|
فقـدت جـنان أب وعـطف موال |
وكـأن كــل أب وأم
ثـاكـل |
|
أبـنـاءه فـى حـسرة وخـبـال |
ذهـلت لمصرعه البـلاد وهـالها
|
|
مـا حـاق مـن نـوب نزلن ثقال |
وكـأن زلـزالا يـهز كـيانـها
|
|
بل أين مـنـه هـزة الـزلزال ؟ |
عاشت فلسطـين الحبيبة هـمـه
|
|
ليعيذها مـن قـبـضـة الأنـذال |
ويصـون للقـدس الشريف جلاله
|
|
ويحــوطه مـن ذلـة ونـكـال |
وحـمى الفدائيين أصدق ما
حمى |
|
راع ، وأكـرم ما تـفـقــد وال |
كـانوا أساورة وكـان مـناصرا
|
|
سمـحا تـفيـض يـمينه بـالمال |
كم ضـاعف الأردن مـن آلامـه
|
|
لـدم يـراق وفـتـنـة وجـدال |
فـمضى يجمـعه ولولا سـعيـه
|
|
وهداه ، ظـل قـطـع الأوصـال |
بـل كاد ينتقـض السـلام بمحنة
|
|
تقضـى بها الـدنـيا إلـى أطلال |
قـد كـان آخـر مشـهد لوفائـه
|
|
تـوديـع مـن وفـدوا من الأقيال |
فـأتى يـحييهم ببسمـته
الـتى |
|
أخـفـت غـوائـل دائه القـتال |
يـا للشـجاعة والثـبات تسـاندا
|
|
فـى سـتر سـقم بـالفؤاد عضال |
واستشهد البطـل الكـمى مناضلا
|
|
وكـذا تكـون مـصارع الأبـطال |
ما مـات من وهـب الحياة لشعبه
|
|
ولقـومـه فـى كـدحه المـتوالى |
يـا مـنقـذ الوطـن الذى
أبلغته |
|
غـايـاتـه القـصوى بكل مجال |
ماذا أردد مـن بيـانك وهـو
فى |
|
إعـجـازه قـد فـاق كـل مقال ؟ |
مـاذا أعدد مـن مـآثـرك
التى |
|
جـلت عـن الأشـباه والأمـثال ؟ |
يـوم الجلاء وقد رفـعـت
لواءه |
|
فـى عــزة وكـرامـة وجـلال |
يـوم القناة وقـد فككـت عـقالها
|
|
فـتـدفـقت بكـرائـم الأمـوال |
أم يـوم رضـت النيل فى جريانه
|
|
وكـففـت حـدتـه بسـد عـال |
حـولت مـجراه الـعتى بعـزمة
|
|
صـدقت فـدكت شـامـخ الأجبال |
فـجرى رزينـا هـادئا
مـتدفقا |
|
يضـفى عـلى الشطين ثوب جمال |
ويـحول الأرض الجـديبة خصبة
|
|
رفافة الأغـصـان ، ذات ظـلال |
ويمـد أنـحاء البـلاد بـطاقـة
|
|
كـبـرى ، تـزيل جوائح الإقلال |
ومضيت تـختار الرجـال بحكمة
|
|
وتـعـزز الأقـوال بـالأفـعـال |
فـرددت للفلاح ضـائع حـقـه
|
|
وسـهـرت للـصنـاع والعمـال |
ومـهدت للـعلم السبيل فلم
تضق |
|
يـومـا بأفـواج رقـاق الـحـال |
وبـنيت جـيشا لـم نفـز بمثيله
|
|
من قـبـل ، فى عدد وفى استبسال |
ودعـمتها قـومـية عـربـيـة
|
|
كـانـت ذرى الآمـال من أجيال |
عـزت بـها حـريـة مـكفولة
|
|
سلـمت مـن الأهـوال والأمحال |
وأظـلها عـدل اشـتراكـيـاتها
|
|
فسما بـها فـى ضـوء الاستقلال |
والوحـدة الكـبرى بدت أعلامها
|
|
كحقيقـة ثم تـصطبـغ بـخـيال |
هيهات ينسى العرب كالىء
أمرهم |
|
ومحـطـم الأصـنـام والأغـلال |
أمـعلم الأوطان كيـف دفـاعـها
|
|
عن حـرمة الأوطـان دون كـلال |
فى قلـب إفـريقيا شعوب كابدت
|
|
ظلم الطـغاة وبـؤس الاستـغـلال |
وبقاع أسيا كم شـكت وتبـرمـت
|
|
بـجمـوع نـهاب بـها مـغتـال |
مـاجـت بكـيد الكائدين وأوغلت
|
|
فـيـها المـفاسـد أيـمـا إيغـال |
فهديـتها سبـل الخـلاص فحققت
|
|
ما كـان مطـلبه عسيـر مـنـال |
عـرفت بـك اـلدنيا زعيما مقدما
|
|
صـدق الجهاد ولـم يضـق بقتال |
فإذا نـطقـت تلفـتت أسـماعها
|
|
لتـعى بـيـان القائـل الـفعـال |
وإذا جـلـوت اـلرأى كان منارة
|
|
تمـحو مـن الأذهـان كـل ضلال |
يـومـان فى دنـياك كـانا آيـة
|
|
دلـت عـلى الإكـبـار والإجلال |
يوم اعـتزلت فنـاشدتك جموعنا
|
|
حـمـل اللـواء وفـادح الأثـقال |
فبـدا وفـاؤك فى بسـالتك
التى |
|
جـازت بـروعـتهـا أجـل مثال |
والـيوم حين جرى القضاء فلم يفد
|
|
طـب وأرخـص كـل دمـع غال |
قالـوا : فراغ سـاد بـعدك يا لها
|
|
مــن فـريـة خـداعـة كـالآل |
كـذبوا لـقد مـلأ الفراغ صحابة
|
|
عزماتـهـم كـالراسـيـات عوال |
سـاروا علـى نهج الزعيم فوفقوا
|
|
فى سـعيـهم لجـلائل الأعـمـال |
أيـن الفـراغ ؟ ولا فراغ ، وإنما
|
|
شعـب مـضـى مـتمرسا بنضال |
أنــا لا أرى إلا عـزائـم أمـة
|
|
أنـا لا أرى إلا كـفــاح رجـال |
والنـاصـريـة مـبـدأ دنـا به
|
|
عـنـوان إقـدام ورمـز كـمـال |
روح الـزعـيم تسد فى ومضاتها
|
|
مـا لا تـسـد صـوارم وعـوال |
هى شعـلة هيهات يطفئ ضوءها
|
|
إعصـار أيــام وكــر لـيـال |
ومسـيـرة تجـتاز دون تـوقف
|
|
شـتـى الصعاب إلى أعـز مـآل |
نـم هانئاً والق الإلـه بصـفحـة
|
|
بيضاء بـاتت مضـرب الأمـثـال |
|
|
|
|
|
|
* محمد مصطفى الماحى، من وحى الأربعين، (فى): حسن
توفيق: الزعيم فى قلوب الشعراء ، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام،
2002)، ص 279 ـ283. |