وبكينا ..

وذرفنا الدمع نهوراً وبحورا

قطعنا مهجاً وخدوداً ونحورا

ومشينا ..

من خلفك ركباً مذعورا

قلباً ملتاعاً مقهورا

وخرجنا ..

مدناً ونجوعاً وكفورا

شيخاً وفتاة وصغيرا

وغدونا ..

من بعدك وطناً مهجورا

ينتفض حزيناً مقهورا ..

***

واليوم ..

ماذا بعد بكينا ومشينا ! ؟

تلك فجيعتنا فلنسدل فوق فجيعتنا سترا

ولنتقدم نحو مسيرتنا الكبرى

فإذا ما عدنا ذات صباح وبيدنا باقة نصر

فلنذرف فى صمت دمعة فخر

وليبق الحزن دفيناً وعميقا

كالشعب أميناً وعريقا

أنبل أنواع الحزن حزينٌ لم يذرف عبره

مفجوعٌ لم يهتك سره

كتم الأشجان فنمت عنه العينان

الحزن يقاتل فى الميدان

***

واليوم ..

ماذا بعد بكينا ومشينا ! ؟

فلنشعل نهر الدمع براكين

وليخصب دمع الفلاحين

عرقاً فى النيل وطين

وليزهر فى الصحراء

حزن الفقراء

قمحاً ورياحين

وليورق عرق العمال

عملاً ونضال

لعب الأطفال

ومصانع ومدافع

وحدائق وبساتين

وليصبح للحزن أظافر

ومناجل وخناجر

تتلظى ناراً وسعيرا

وليبق الجرح صديقاً ورفيقا

يحتل قلوباً وصدورا

***

الجرح لنا سكين

نشحذه لفلسطين

 


* فتحى سعيد، مصر لم تنم، مجلة الجديد، العدد الثانى والعشرون، (القاهرة: مطبوعات مجلة الجديد، ديسمبر 1973)، ص 33 - 36 .