مـصر التـى احترقت ، أم تلك عمان

فـفى الـقلوب  بهول الخطب نيران ؟

وهدمـت دوركـم ، أم تـلك فـاجعة

حـلت بنـا ، فـهوت للـصرح أركان

إذا بـكتـكم دمـوع الـعيـن جـارية

فالنـيل فـى خـطـبنا  بـالدمع ملآن

قـل للـفـدائى لا تـجـزع ، فثورته

صـدق بـقلـبـك ، لا يـعروه بهتان

أقـدم عـلى الحرب  ، واستلهم مبادئه

فإنـما يتـبع الـشـجعان  شـجـعان

قـد كـان قبـلك فى " فالوجة " بطلا

وكـان  يـمـلؤه صـدق ، وإيـمـان

كـانت فـلسـطين أغـلى ما يثور له

مهـمـا  غـلت عـنده دار ، وأوطان

أغـلى الـرجال ، وأقواهم ، وأشجعهم

فمـاله فـى صـراع  الـبغـى أقران

الفـارس المنـتضى فـى كـل معركة

سـيـفا تحيـط بـه فى الروع فرسان

عـرفـتـه فـى صـبى الأيام مقتحماً

إذ نـحـن فـى بـدوات  العمر شبان

وشمـتـه يـلج الـتاريخ منـتصـراً

ما صـده  رهــب ، أورد إذعــان

مـفـجـراً ثورة الأبـطـال يقدمـها

كـمـا تـفـجر بـالأهـوال بـركان

تـاريخه الـيـوم أمـجـاد لأمـتـه

وعـزة تـمـلأ الـدنـيـا وسـلطان

بنـى فلـسطـيـن ، هـذا يوم نكبتنا

كـيوم نـكبـتكم ، فـالدهـر خـوان

انسـوا إذا اسـتطـعتم خـطبا ألم بكم

فـخطبـنا  الـيوم لا يـطـويه نسيان

وكيـف تنـسون  أو نـنسى قضيتنا ؟

ناـم الأسـود  ، وحـول الغاب ذؤبان

اسـتيقظـوا أيـهـا  النـوام ، ويحكم

فلن  يـتمـم  هـذا السـير غـفـلان

هـذا جـمال  ، طواه الموت ، فانتبهوا

وإن تـنم  عيـنكم ، فـالخطب يقظان

مسـابق المـوت  والأرواح طـائـرة

عـدا عـلى روحـه للـمـوت عدوان

إن الـذى مـد شـريان  الحـياة لنـا

أصـابه مـن وراء الـقلـب شـريان

مـن للـعروبـة فـى فقدان  قائدها ؟

ويـح الـذى  قـلته ! هل قلت فقدان ؟

مـن ذا يـجلجل مـنه الصوت مرتفعاً

مـن ذ تصـيخ لـه فى الـدهر آذان ؟

هل غاض نور الضحى فالأرض مظلمة

هل مـال بالشـمس فى الآفاق ميزان ؟

ذهـابـه ليـلـة الإسـراء يـذكـرنا

بـمـا  يخـبـر إنـجـيل ، وقـرآن

كل النـبيين صـلوا خـلف قائـدهم ؟

وحـولـه قـام أقـطـاب ، وأعـوان

ردوا الـقنـاة  كمـا كـانت مـحررة

وصـوتـه  ليـلـة التـحـرير رنان

شـيدوا السـدود  كمـا شادت عزيمته

سـدا ، بـدايـه  فـى الـدهر أسوان

صـوغوا  حـديداً وصـلباً من قلوبكم

فـقد خـلا مـن حـديـدا لقلب ميدان

إذا سـمت منـكـم الأرواح وائتـلفت

فمـا تسـاء  بـلقيا الـمـوت أبـدان

لقـد خـرجـتـم إلـى تشييعه  زمراً

كـأن مـخرجـكم  فى الأرض طوفان

نـوح عـلى الفـلك والأمـواج عاتية

وقـد  تـقـاصـر مـجداف ، وسكان

بـحـر على البحر طامى اللج مزدخر

هـديره لـوداع الـمـيـت ألـحـان

فـهـل وفيـتم لمـن كان الوفى لكم ؟

هيـهات أن يـفى  الأبـطال شـكران

لا تجـعلوا هـمـكم فى  السير محزفة

مهـما اعـترتكم  لهول الخطب أشجان

لـو  سـار للقدس هذا الزحف محتشداً

فـرت مـن القدس مـائير ، وديـان !

لو حـدد الأسـد إسـرائيل واتـجهوا

لمـا تـبقى بـإسرائـيـل جـرذان !

لـو شـارف السيل واجتاحت جوائجه

مـا قـام فـى سـهل إسرائيل بنيان !

حـثالـة ذل الاسـتعمار صـانـعـها

وأمـة العـرب مـا ذلوا ولا هـانـوا

جـناية كـم جـنـاهـا النـاس قبلهم

وأنــكرتـها تـعـالـيـم ، وأديـان

أرض السـلام أحـالوا طـهـها دنساً

يـأبى الـدنية أشـيـاخ ، ورهـبـان

جـمـال  بـعد صـلاح الدين ثار لها

مـا صـد زحـفهـما ظـلم وطـغيان

ذات الـطـريق  لـنـا بـاتت ممهدة

ولـن تـؤخـر يـوم الزحف أحزان !

 

* عامر محمد بحيرى، مرثية للقائد الخالد، (فى): حسن توفيق: الزعيم فى قلوب الشعراء ، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، 2002)، ص 284 ـ 289.