صـح ما قلت حـول جرح القضيه

ومشى الصبح  فى جنـاز العشيـه
كـل مـا قـلت كـان عـين يقين بـاركته السـماء والشـمس حيـه
يا زعيم الـثورات يـا رمح أرض هـمها كـان فى حـشاك حـميـه
يا مـلاذ الأحـرار  فى قارة السمر وســيفا لـخـالـد وأمــيــه
بـاعث العـرب مـن سبات المنايا ورســولا لشـعـلة الـحـريـة
أنـت سيـف (لحـمـزة) و(على)

بـسـط  النـور فى البـلاد الحيية

وسـيـوف (للقـادسـيـة) جاءت

تـرفع الـرأس فـى  وجوه البريه

ونـشـيـد الـعـلا يزيد انـدلاعاً

فـى نـفـوس بـريـئـة  وظميه

ملـهم أنـت ناصـر  العرب دوماً

فى مـرايا عيـنيـك تجلو  القضيه

هل ترى قد قرأت طالعنا المر بغيب

وراء حـجـب  قــصــيــه

نـفذت مـنـه مـقلتـاك  فأضحى

كـكـتاب سـطـوره عـربـيـه

مـا قـرأنـاه والـضمـائر تهوى

فـى دجـى الجب والدروب الغويه

بيـنما أنـت قـد قـرأت فشـفت

فـى رؤاك الـمسـالك  الضـوئية

ثم فسـرت لـلذيـن أحـيـطـوا

بشـراك الـمـكائد الـغـربـيـه

حسـب الغـرب  أن سيشفى غليلاً

وسـيـروى رمـاحـه الـعـرقيه

جـئتـهم فـارساً رفـيـع السجايا

هـاتكاً  للـبـراقـع الدنـيـويـه

عـصـرك الآن فى  ضمير بلادى

عـبـق الـخـلد فى العهود الشذيه

كـان عـصـرا لأمـة قد  أعيدت

هاجـرتها أكـفـانـهـا  الـعبثيه

فـيـه عـدنـا إلى الشموخ فعادت

وحـطـمـنا قيـودنـا الوثنـيـه

كنـت عصرا من  الكرامة والصدق

وريـث الـمـكارم الـعـلـويـه

صـح مـا قـلـت من زمان  بعيد

وقـرأت  الطـوالـع الغـيـبـيه

وبـلاد الأمـجـاد صارت  شظايا

تـتـنـزى جـراحـها الـوحدويه

مـنـذ خـانـوك أزهقوا الحلم فينا

رشق الهم  فى القـلـوب البـهـيه

وانـتـبـهنا فمـر مـنـا زمـان

حـيـن وافـتـك يا حبيبى المنيه

بـعد جـهد حقـنت فـيـه دمـاء

كـان (أيـلـول) طـعـنة  همجيه

سـقط الـفـارس الأبـى فـدارت

فـى الـمـدارات مـدية عنصريه

هـا هـى القـدس فى عداد السبايا

وفـلسـطـين تكـتوى  بـالرزيه

الأبـابـيـل درعـت بحـصـاها

شـاف سـجـيلـها وجـوها شقيه

تتـرامى عـلى الـرماح اقتحاما ..

ودمـاهـا شـقـائـق قـرمـزيه

فـى بـلاط الأقـصى يصير عقيقاً

جـاء يـمـحـو ذنـوبـنا الأزلية

قـبة الصـخرة التـى مجت العطر

بـكـاء وشـهـقـه (قـدسـيـة)

شـفها الـوجد للـبـراق فـراحت

تـتـأبـى ورودهــا البــريـه

وجـه (طـه)  بـدا حـزيناً فأبكى

كـل طـيـر مـغـرد  بـالبلـيه

والـجـراح الـجراح فى بيت لحم

نازفات  "بـمريـم" المـجـدلـيه

(ويهوذا) اللعـين ثـعـلـب حـقد

جـاء يسـعى بـسم أشـرس  حيه

راح يـمـشى وراء  ظل (لعيسى)

خـائـن العـهـد  مستشاط الطويه

والبـتـول البـتـول  تسحب ثوباً

سكـنتـه الأحـزان حـيرى عتيه

والجـراح الـجـراح تـشعل  يافا

ودمـوع الزيـتـون ثكـلى  أبـيه

ولـتفـاحـهـا الـجريـح  نحيب

سـال نـهراً عـلى الـتلال  الفتيه

رفـض البـرتـقـال موسم  نضج

عـلقـمته الـمـذابح  الـوحـشيه

قـال للشـمـس لـن أبيح  ثمارى

لأيـاد  مـجــعـدات بـغـيـه

فـوق قـبـر الشهيد يجنى غصوناً

دمـعـة الـغصن مثل طيب الجديه

والصـغـار الـصغار  عزم مضئ

يمـسـح الـعار  والخطايا العصيه

منذ صاروا يستشهدون على الأرض

لتـحيا مـصـابـح سرمـديـه

يـوم ذكـراك يـا حـبيـبى بكينا

طـفح الـيتـم فى  الـعيون النديه

شيبـتها الأهوال فى الزمن الصعب

فشـابت أهـدابـهـا  الـمخـمليه

حـول قـبر  بـه تـنـام قريـراً

يتـناهى صـهيل خـيل  عـفيـه

أنـت حــى  بـه كـأى نـبـى

ثـابت العـزم فى العـصور النبيه

بيـنما الصمت  فى العروش عميق

هـو صـمت  الـموات دون رويه

صمـت خـوف يـلفـه ألـف قيد

نسـجته العـصـابة  البـربريـه

إنـه الصمـت سـيـد عبـقـرى

ضـم كل الأحـيـاء  والنفس حيه

سيـد الـعـرب  والأبـاة جمـيعاً

سـكـن الـجبن  فى القلوب العييه

أمـتـى تـقــتل البـطولة حتى

لا تـنـمـى غـصـو العسـجديه

كـل ما كــان  عـنـوة أخـذوه

مسـتـرد لـولا الأيـادى قـويـه

فالهوان الهـوان سـجيـن أضيعت

فـيـه حـتـى الـحناجر العنتريه

كبل النبض  فى العروق فصـارت

تـفـقـد الآن فى  دجـاه الهويـه

(يا جـمال) يـطـاردون  خطانا..

لو رمـتـهم فـعـالهم فـى الدنيه

زرعوا الـشوك فالـحصـاد جراح

رايـه الـظـلم بـالدمـار  مرويه

وإلى دين (أحـمد)  نسـبوا القـتل

فضـجوا بـدعـوة  العنـصـرية

ووصـايـاه بـالشعـوب  سـياج

أمـن الـنـاس  شــر أى أذيـه

وتـناسـوا سـمـاحـة  شـملتهم

حـينـما كـان للـجـهاد  سـريه

أسلمـونـا مفتـاح  (قدس) الحنايا

ظـللتها  سـمـاحـة عـمـريـه

يا (جمال) (الحمى) استهانوا  بأهلى

وأحـلوا لـحومـنـا  الـبشـريه

ووصـايـاك نـحن خـنا شـذاها

واقـتتـلنا بفـتنـة قـزحــيـه

أشـعـلوها  بـكل مـكـر مـريد

الأحـابـيل فـى خـطـاه خـفيه

ورددونــا سـيوفـنـا لنـحـور

شمـلنا كـان للسـيـوف ضـحيه

السـيـوف التـى  ادخـرنا هواها

كـيـف ردت لنـحرنا بـيـديـه

هـددوا ديـنـنا بـكـل  عـنـاد

وسـقـوا غـلـهـم  لـكل شظيه

ودمـانا تسـيـل فـى كـل أرض

قـدمـونـا  لـقـاتـلـيـنا هديه

دجـجوا حـوله السـلاح  ليـقوى

ثم يـصـطـاد  فى النفوس الزكيه

ســيدى كـان لـلفكـاك  سـبيل

قـطـعـته شـحناؤنا  العـربيـه

أيـن لـى روحـك  الأبيـة تحيى

أهـل كـهـف ضـلوا بغير هويه

علنا نسـرج  الـخيـول اللواتـى

حنـطـت فـى كـهـوفنا المنسيه

عـل سـيفاً مبـصـراً يـتهـادى

فـوق كـفـى يـضـئ فى عينيه


* جميل محمود عبد الرحمن، مرايا عينيك تجلو القضية، (فى): حسن توفيق : الزعيم فى قلوب الشعراء ، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، 2002)، ص 439 ـ 448.