فوق صدر الضحى
مال أغلى شعاع
واهباً عمره ..
لليالى شراع !
.. صلوات الرياح ،
خاشعات لديه
وعطور الصباح ،
كبرت من يديه !
يا سماء ارفعى عنك سر القناع
كيف أزجى الضحى شمسه للوداع ،
وهو حى السكون
رغم صمت الحياه ؟
يلهم السائرين
كل يوم ضياه ..!!
يا بكاء العصور
يا دموع الدهور .. لن يغيب الشعاع !
يا ضفاف اصبرى
لن يغيب الشعاع
كبرى .. وانشرى نوره فى البقاع
وازحفى بالسنا .
.. لا تقولى الوداع !!

* * *
.. ازحفى بالشراع
فى الخضم الحزين ..
فى قلوب الحيارى
فى يد المعدمين ..
فى سهوب الصحارى
فى حشا الجائعين ..
فى حديد الفؤوس
فى صرير التروس ..
فى الظهور التى أنشب القهر فيها هوان التحرك
فى الصدور التى ألهب التيه فيها فراغ التملك
فى الجفون التى أخفت الدمع فيها ضباب التبرك ..
فى الدجى .. فى انفلاق الصباح
فى الأسى.. فى احتراق الجراح
فى فم الغاشمين وهم يعلكون رفات الحقوق
فى الرشا .. وهى تثغو لحياتها فى ضمير غريق
فى بغايا العيون اشتهى جفنها نعش كل السنابل
فى الضحى تسرق النور منى ،
من الكادحين حفاة المناجل
فى احتضار السلاسل
فى انتفاض المعاول
فى ارتفاع الصدى الحر من نايه ،
فى جراح البلابل ..
فى الفقير ، الكسير ،
انتشت فى يديه مناحات لقمه
فى الشجى وهو يسقى الشجى فيه،
أشلاء طيف لنعمه !
فى الشذى المستكين ،
فى سفوح السنين ..
فى يد الفجر .. ينقض .. يذبح بالنور .. هذا الظلام
شق أعتى شراع
بحر هذا الضياع
ماخراً بالسفين !! كل هذا الأنين !!
وهو رغم السكون ،
لم يزل هادرا فى الربى واليفاع
مستمر الصراع ..
.. فى صدى كل نبره
فى مدى كل ذره ،
بوقه مستمر النفير
غابة مستمر الزئير
فاسمعى صوته طارقاً كل باب
وانهلى نوره من وراء الحجاب ..
يا ورود البقاع ،
يا حصون القلاع ،
كبرى واصبرى ..
وازحفى ..
وارشقى كل ليل ، بلمح الشعاع
واسحقى كل لج ، بسبح الشراع
.. لا تقولى الوداع !!

* * *
يا حقول ..
.. اشربى ، واغرسى ، واقطفى من يديه جناه
يا سهول ..
.. اسمعى أرغن السد، والشمس غنت ذراه
يا تراب الربى ..
.. ساحق الذل فى كل درب يدوى صداه
يا حماة العرين !
بأسه صاعد فى جميع القلاع
فازحفى بالشراع
لا تقولى الوداع !!

* * *

يا حصون القلاع
يا حصون القلاع
كبرى .. واصبرى
وازحفى بالشعاع ..
لا تقولى الوداع !!

 

* محمود حسن إسماعيل، لا تقولى الوداع، (فى): حسن توفيق: الزعيم فى قلوب الشعراء ، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، 2002)، ص 63 ـ 67.