كأن فى صدورنا ـ مغروسة ـ

حكاية الألم ..

كل القلوب جمرة من البكاء .. والغضب

كل القلوب تطعم الدموع .. واللهب ..

الله .. يا زماننا الأصم ..

الله .. يا نهارنا الحزين

الله .. يا حروفنا المبعثرة ..

أغنية الحصاد مزقت طبولها

كل الحقول .. والطيور .. تنتحب ..

كأنما الخليل عاد فى دعائه القديم:

ـ يا ربنا .. أسكنت من ذريتى بواد مجدب عقيم ـ :

وخلف خضرة الحقول .. ألف غيمة حزينة

وألف ألف نجمة سوداء

وفى الجباه .. لسعة السؤال

وأنت .. يا تابوتنا الأخير ..

يُدفن فيك الحب والصباح والطرب ..

تدفن فيك لذة الكفاح والتعب ..

من أين لى يا أيها التابوت بالضياء ..

ما أوحش الدرب إذا ما أطفأ الغروب

مشاعل العيون والقلوب ..

ما أوحش الدرب إذا ما عاود الدوار

رءوسنا .. وأسدل الستار

كنا نراك كل ليلة على التلال

يصعد مصباحك راسماً بخيط ضوئه

نضارة الآمال

تطارد الأشباح والطقوس والأحزان

تطارد الكلال ..

والعطش القديم .. والمجاعة

تبارك الإنسان ..

وهو يصارع النعاس والأشجان

ويسقط القنوط فى النعال ..

ـ من أين لى بذلك المصباح ؟ ..

ـ جاحظة عيوننا الآن .. على التلال

تستقرئ الرياح والرمال:

ـ الفارس الحبيب مرّ من هنا

لعله كعادته ..

يبحث عن بقية النجوم فى الشفق

لعله يلملم الزهور والثمار فى البستان

يطوق الأرض بها .. يوادع السماء ..

من أين لى بذلك المساء ؟ ..

ـ لن يقبل الفارس بعد من شواطئ المحال

ولن يعانق الضياء ..

وجوهنا المكدودة الباكية المشردة

ولن يغنى الحرف بعد للحصاد

ما عاد للحروف سحرها القديم

كل الحروف تلبس السواد

وتعلن الحداد ..

من يسكت الذئاب بعد من عوائها

ومن عساه يقتل الأذناب

ومن يواصل الرحيل فى الليل وفى النهار؟ ..

ـ أمام باب الله ها أنا أسائل السماء

عن نخلة شامخة فرعاء ..

عن عالم مبدد تحكمه الأهواء

وتأكل الصقور فيه الطفلة الحسناء

من يشترى فريسة فى ساعة الميلاد

ومن تراه بعد جاء يقبل المزاد

ومن تراه هم بعد كى يدك للغريب

أسواره .. يواصل السباق

يوقف بؤس الأرض والإنسان

ـ هذا أنا أسائل السماء

إلى متى كل الحروف تلبس السواد

وتعلن الحداد ..

من يسكن الآلام فى صدورنا الممزقة

من يسكت الأحزان

ومن تراه هم كى يواصل الرحيل

يعيد للأحزان وجهه النبيل ؟ ..

 


* 22/ 10/ 1970.