الريح مثقلة برائحة الهموم .. وكل شئ يختنق

الحزن مد جناحه الكابى ليخنق كل ضوء يأتلق

ماذا ؟ "وينتحب الأسى" هل لف ضوء الفجر فى ثوب الغسق ؟

مازال رجع ندائه .. مازال يلمع نيره فوق الطرق

"سنقاتل الأعداء شبانا وشيبا .. للسلاح سنستبق"

"سنقاتل الأعداء .. نقذفهم وراء الليل أو خلف الأفق"

"بعظام موتانا .. بأكباد الضحايا .. بالدموع .. وبالعرق"

والناس تنصت للنداء .. وألف إعصار تمزق وانطلق

وكرعشة الغبش الصموت رحلت فى ثبج المغيب المنطبق

فبكى رماد الحزن .. أعول فى مجامره قلوب تحترق

يا فارسى .. ومتاهة مجهولة الأبعاد سربلها السراب

معصوبة بالغيب تفصل بيننا .. جدرانها حجب الضباب

يا فارسى من خلف زخات الغمام تطل من خلف السحاب

إنا هنا نستاف من ذكراك إذ تندى كما النور المذاب

فلكم أزحت الليل عن آفاقنا .. وقطعت من ظفر وناب

لولاك ما ضاءت قناديل الصباح على روابينا الرطاب

ما أورقت فى الشط أغنية .. ولا غنى الرعاة على رباب

لولاك ما أمل تبرعم للصبايا فى تباشير الشباب

مازلت فى حضن القلوب مقدس التذكار ترنو كالشهاب

لك فى قلوب مواطنيك نبالة الذكرى لأمجاد فساح

لك هدهدات الليل .. ما سماره ذكروا أقاصيص الكفاح

لك من أفاويق السنا اللماح ما نشرته أشرعة الصباح

لك من عطور رياضنا الزهراء ما حملته أجنحة الرياح

لك من أهازيج الصبايا ألف أغنية مطرزة الوشاح

يا فارسى يأيها البطل الشهيد .. إذا شجا صوت النواح

وإذا صحا التذكار .. وانتحب الحنين وأعولت طير الجراح

لك من شباب بلادك الأحرار أبطال تضئ بكل ساح

فإذا دعا الداعى لحرب قد تراءت فى غدو أو رواح

هبوا سراعاً للنداء .. وجمع الأبطال معترك الكفاح

 


* رجاء عيد، "كلمات إلى الفارس العربى"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 129 ـ 130.