جل المصـاب بموت عبد الناصـر | الرائـد البطـل العظيـم الثائــر | |
واهتـزت الدنيـا لفقـد مجـاهـد | علـم من الأعــلام عضب باتر | |
والعالـم العربـى أذهـله النبــأ | والحـزن طـال فمـاله من آخـر | |
والنيل يا للنيل يجـرى عـاصفـاً | يبكى الأعـز بدمعــه المتنـاثر | |
والنيل يا للنيل يجـرى لاهثـــاً | يسعـى ليستبقـى أعــز مغـادر | |
النيل هـذا أم دمـوعـك أُمّتــى | فاضت لتسكاب الغــرام المـاطر | |
قد صـدع الخطب الجسيـم فـؤادَه | بغيـاب فـرقـده المهـيب الباهر | |
أنى تسـر تلق الوجـوه كئيبـــة | والدمـع يهمـى كالغمـام الماطـر | |
بسماتنـا برحيـل ناصـرنا خبت | والآه تصـعد من لهـاث حنـاجر | |
والأردن المفجـوع ضج من الأسى | وارتـاع من سيف القضـاء القاهر | |
والمهـد والأقصـى الأسيـر تدثرا | برد الحـداد عليك عبـد الناصـر | |
ومن المحيط إلى الخليـج تصاعدت | صرخات حـزن كالخضـم الهادر | |
أقضـى الزعيـم اليعـربى ومن له | قلب الأب الحانى الرحيـم الشاكر | |
أقضى أبو العمـال ركنهـم الـذى | لحقوقهـم قد كان أكـرم ساهـر | |
تاريخـه بالتضـحيات متـــوجٌ | بمكارم وفضــائل ومـــآثـر | |
خلـق كنفـح النـد ســام فاضل | طابت شمائلـه كطـيب أزاهــر | |
عـزم يـزل المستـحيل وهمــة | تجتاح كل مصــاعب ومخاطـر | |
رجل المـروءة والكمــال تمثلت | فيه رؤى السلف الكـريم الطـاهر | |
بطل القنـال ، حسـام أمتنـا الذى | يستل فى وجــه اللئــم الجائر | |
أقضـى زعيم الوحدة الكبرى الذى | أرسـى لها بالبـذل خيـر أواصر | |
أقضـى المنـادى بالسلام فكم سعى | لبنائـه سعـى الأميـن الصابـر | |
أترى قضـى حقا معلمنـا الــذى | ضحـى لكى يمحو هوان الحاضر | |
عظـم المصــاب فيالها من نكبة | وخســارة كبـرى وحظ عاثـر | |
أقضـى جمال المجـد عنوان الإبا | موت العظيـم يهـز كل مشاعـر | |
ماذا تقول عـرائس الأشعــار فى | بطل تسامــى بالمضـاء النـادر | |
إن القـريض يقولهـا بصــراحة | معناك أسمــى من بيان الشاعـر | |
فقد اهتـديت بكل معنــى خـالد | من وحـى بارينــا العزيز القادر | |
ومضيت لم تحفـل بعـرض زائل | ترنـو إلى الفانـى بعين الساخـر | |
وسعيت للهـدف الكبيـر بجــرأةٍ | شهد الخصـوم بها وكل مكابــر | |
وبذلت أقصـى الجهد همك أن ترى | عوداً لماضينـا المجيـد الـزاهر | |
لما طلعت تبســمت آمـالنـــا | كالزهـر يبسـم فى الصباح السافر | |
يا بانى الســد العظيــم كما بنى | الأهـرام خوفو فى الزمـان الغابر | |
ومحطم القيـد الثقيل وصاحب الرأ | ى الرصـين يقال فـوق منابــر | |
قد كنت فى وجـه المصائب صخرة | شماء يهـزأ بالمحيـط الزاخــر | |
وأعـدت للضـاد المهيض كرامـة | ببسـالة الليث الهصـور الكاسـر | |
كم من جـراحٍ نازفـات بالدمــا | ضمدتهــا بيــدى طبيب ماهر | |
أقمن فيه جــل عـن إيفـائــه | حقا يـراع العبقـــرى الساخـر | |
خسئ "الردى" ما غيب البطل الذى | يحيـى بأفئــدة لنـا خـواطـر | |
جمال بـاق خـالـد فيمـا بنــى | من سـؤدد من نهضــة ومفاخر | |
يزهو بها التاريـخ فى صفحـاتـه | كالمـرء يزهـو بالوسـام الفاخر | |
وتظل قبلة أعيـن الجيــل الـذى | يهوى المعالـى جيل عبد الناصـر | |
فانعـم حبيب الله فـى جنــاتـه | بجــوار طـه الحق خير مجاور | |
وعـزاؤنا بك يا شهيــد بأنمــا | أبقيت سـوف يعيش رهن ضمائر | |
وعـزاؤنا ما شـدت من مجـدٍ وما | خلفت من ذكـر حميــد عاطـر | |
وعـزاؤنا فى أنـور السادات والأ | حـرار من رهط الرئيس الثائــر | |
فهم الأُلـى يحذون حـذوك للعلى | فى همــة جبـــارة كقسـاور | |
فنراك فيهـم يا جمـال مخـــلداً | حيا كأنـك لـم تـغب عن ناظـر | |
أوردتنـا سـاح الفـداء وحوضـه | أرض البطـولة كابـراً عن كابـر | |
سنجسد الأقـوال أفعــــالاً ولا | نحنى أمــام الهــول هام الحائر | |
سنحـرر الأقصـى بمسفـوح الدما | من قبضـة الجانـى وقيـد الآسر | |
فتقـر عينك يا جمـال بما تـرى | وتـرف فـوق الثغر بسمة ظافـر | |
* سليمان المشينى، "جل المصاب"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 165 ـ 167. |