من للعــروبة فى الجلــى يواسيهــا | وقد مضــى لجــوار الله حاميها ؟ | |
تلفع الليل بالأحـــزان جللهـــــا | غيم السمـاء وقـد غـابت دراريها(1) | |
وللذهــول على الألبــاب غاشيـــة | بها تضــاءلت الدنيــا ومـا فيهـا | |
الله أكبر .. هذا الــروع أكــبر مـن | سحر البيـان وأشعـــار يقفيهـــا | |
والنيل كابــد والأهـــرام سلسلــةٌ | من المآســى صــدى التاريخ يحكيها | |
وحدثا : مصــر لم تفجـــع بكارثـة | أشــد من محنــة فيهــا تقاسيهـا | |
هل مات ناصر ؟ لا . ما مات من نهضت | به الشعــوب إلى أغلــى أمانيهــا | |
هل مات ناصر ؟ لا . ما مات من عرفت | به الكرامـــة فى أجلـى معانيهــا | |
قد أنصف الفقــر من أهل الغنى فجرى | للكادحـين مـن الأرزاق غاديهــــا | |
وطبق العــدل بين الناس فامتـــلأت | به الحيــاة وقد عـــزت مغانيهـا | |
ولم يعد بالحمــى طيــرٌ مروعــةٌ | فى وكرهــا وأفاعــى الشر تؤذيها | |
كنا عبيــداً فــدوّى صــوت ثورته | محــررا أرض مصــر من أعاديها | |
كنا فريســةَ الاستعمــار ينهشنـــا | كما يشــاء ويثنــى عطفــه تيها | |
أذلـــه .. رده .. نحــاه .. أخرجـه | وقاد أمتــه تبنــى بـأيـديـهــا | |
المجــد خــلده ؛ والديـن مجــده ، | والله أوجــده دنيــا نرجيهــــا | |
بين الجهــود لجمــع الشمـل حققـه | جمـع المـلوك وقد أجــدت مساعيها | |
فجاءَة المــوت لم تتــرك له عظــةً | ولا وصــاةً إلى الأبنــاء يوصيهـا | |
جراحنــا طعمـة الأحـداث تنزف من | دم العــروبـة قد ولـى مُـداويهــا | |
لهفـى عليك ولـم تقض اللبـانــة من | ضـم الصفــوف لإســرائيل تفنيها | |
أعتى الممـاليك كـم زلـزلتها بطــلاً | فمـادت الأرض قاصــيها ودانيـهـا | |
فكيف مت شهيــد الحــزن فى مـحنٍ | حلت بقومــك أحــداثاً تعـانيهــا | |
وللقلـوب بـكاءٌ يستحيـــل دمـــاً | لمن رأتــه شهيــــداً فى مآسيهـا | |
*** | ||
ما للإذاعــة والت فى بــرامجهـــا | آى الكتــاب وكـفت عـن أغانيهـا | |
أحسست بالفقــد لكـن مــا ظننت بها | منعـاك أنت ولا روع الحمــى فيهـا | |
وســدد القـــدر المحتــوم رميته .. | يالطف مـــرميها يا عنف راميهـا ! | |
ياللفجيعة تجــرى فى النفــوس أسىً | يجـرى الدمــوع دماء مـن مآقيهـا | |
طاف الأثيـرُ به .. يا هـولـه نبـــأٌ | أصمــى القلـوب فمارت فى مهاويها | |
فى كل قلـب وبيت مــأتم زخــرت | به الفـواجـع حتــى ضــج ناعيها | |
لا تغـــرب الشمس عنه بـل تذكرنـا | دنيـاك والشـفق الدامــى يمـاسيها | |
*** | ||
مضـى (جمال) بآمـال الحمـى شـرفاً | واحسـرتاه على الآمــال نرثيها ..! | |
أبكيـك يا أمـل الدنيـا ومــا بقـيت | للنفس أمنيــةٌ فيهـــا أمنيهـــا | |
ويعلــم الله لا أهلــى ولا ولـــدى | أدمـوا جـراحى كمـا أصبحت تدميها | |
ماذا أقول ، وأقطــار العـروبــة فى | ثـوب الحــداد وأحـــزان تسجيها | |
الكل مثلـى ، وما لاقــوك عــن كثبٍ | لكنهــا وحـــدة الآمــال تبكيهـا | |
*** | ||
يا عـاهل الشـرق والإســلام ودّعـه | صــوت المصــلين تكبيرا وتنزيها | |
مثواك فى جنــة الرضوان تسكنها النـ | ـفس الـزكيــة والمــولى مزكيها | |
فانعـم بظــل جــوار الله مغتنمــاً | أجـر الجهــاد ثمـــاراً منه تجنيها | |
واعلــم بأنَّا على العهــد الذى ائتلفت | به القلــوب ونــور الله هاديهــا | |
أمجـاد (ناصر) لا تفنــى رسالتهـــا | وكلنا (ناصر) فى الـــروع يحميهـا | |
*
عبد الغنى سلامة، "فى وداع جمال"، المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم
الاجتماعية، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، (القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 87 –
89 . |