ماذا أقـول وقـد قـال  المحبونـا   ما طـاب  فى الذكر تمجيدا وتأبينا
لم تبق من شفـة إلا أطــاف  بها   صــوت  يناديك محمولاً ومدفونا
أو مقلة لـم تفض بالدمـع  جازعة   على سكوتـك يا خيـر  المـلبينا
نادوك حيـاً فلبيت الـذى  هـتفت   به المــلايين تأييــداً   وتمكينا
واليـوم نـادوا فلـم تسمع شكايتهم   ولم تـرد ســؤالاً للمنـادينــا
طافـوا بنعشـك فـى يـم  هوادره   أجسادهـم  رافعين الصوت داعينا
سبقتهم فى طـريـق الحـق مفتدياً   وقدتهـم فى سبيـل  الخير ساعينا
ولم تــدع  شـاكيـاً إلا رأفت به   ولم تـذر  كادحاً فى الرزق مغبونا
جمعتهـم حـول راعٍ آمنـوا  بيـد   تمتـد منـه فتجـزى   المستحقينا
من صـانع بـارع الكـفين  مبتدعٍ   وزارع يجعـل الصـحرا  بساتينا
هذا على السـد مـرفوعـاً بهمتـة   وذا على الـزرع يجنيـه أفانينـا
يا ناصر السلم قد أضنيت روحك فى   سبيله ثم جــاوزت  المضـحينا
ما زلت تسعـى إليه فى مواطنــه   وتسهـر الليل مهمـوماً  ومحزونا
حتى وقفت مسيـلاً مـن زكـى دمٍ   جـرى هبـاءً وأَلفت المعـادينـا
ثم انثنيت وإحــدى  راحتيك على   عهد الوفـاء وبالأخــرى تحيينا
مودعاً ليلة الإســراء   مبتغيــاً   لقاءَ ربــك فى ركب  النبيينــا
تبارك الله عينــى أينمـا  نظرت   رأت على صـدق مسعـاه براهينا
أضـاء للحــق آفـاقـا مــلبدة   وسـار فى حـالك الأيـام  يهدينا
وبــدد الظلـم فانـجابت غشاوته   وأرسل العــدل يرعانـا ويحمينا
وشجع العلــم والعـرفان فانطلقت   طلائــع الفكـر تحصيلاً وتدوينا
وسانـد الفن فانسابت   مشاعــره   تزيـد فى الفن إبـداعـا وتلوينـا
وكـرم الأدب السامـىِ   فــزوده   من خالص الـروح الهامـاً وتبيينا
هـذى أيـاديـه أعـلام ترف على   مشارف المجـد فى أنحـاء وادينا
ما غاب عن مصر من ظلت مواقفه   تفجر العـزم فى مصــرٍ براكينا
تمضـى الليالـى وما بثت مبادئـه   باقٍ على  الدهر تسرى روحه فينا
يعيش فى فمنـا ذكــراً نــردده   وفى خواطــرنـا طيفـاً يناجينا
وكيف ننسـاه أو ننســى مآثـره   إنا اتخـذنـا لنا مـن حبـه  دينا
     
     


* أحمد رامى، "إلى روح عبد الناصر"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 179 ـ 183.