أأقول : يا لفداحـة الخطـبِ ؟ |
أأقولهـا ، ويــدى على جنبى ؟ | |
أأقول : يا للهـولِ والـرعبِ ؟ |
ماذا أقول اليــوم يــا ربـى ؟ | |
الخطبُ أعظـم فى الجنَان وقد |
عقـد اللســان فظاعـة الكربِ | |
أأقول للناعيـن قـد كـذبــوا | وأدين قـولا بالـردى ينبــى ؟ | |
يا ليتهـم كـذبـوا ، وليتهمـو | قد بالغـوا ـ يا رب ـ فى الكذبِ | |
وتوهمـوا لمَّا أصــابهمــو | جـزع البنين عـلى الأب الندبِ | |
ما كنت أحسب أن " ناصرنا " | يمضـى ويتـركنـا بـــلا لبَّ | |
أين الـوداع ؟ وأين مــا ألِفت | أسمـاعنا من صــوته العـذبِ | |
أيسيـر عنـا مـا يقــول لنا | سأسيـر يا قـومى ، ويا صحبى | |
فتمسَّـكوا بالصـبر واعتصموا | وتأهبـوا لفـداحـة الخـــطبِ | |
* * * |
||
أكذا نفـاجأ بالمصــاب ومـا | كدنـا نفيـق من الأسـى السهبِ | |
أكـذا نفاجـأ بالمصــابِ ولم | نمسح جــراح الخلف والشجبِ | |
أكـذا نفاجـأ بالمصــابِ ولم | ندفن شهيـد الطـعن والضـربِ | |
ومؤامـرات الغـرب محـدقة | بديـارنا فى الشـرق والغــربِ | |
أغـرت شفار الأقـربيـن بنا | فتحكـمت بأواصــر القــربِ | |
ومضت تشـرّحهــا وترسلها | مـزقاً تهيـم على الربى الصهبِ | |
عشرون ألفـاً ـ قال قائلهــم | كنـا هنا ، واليــوم فى التـربِ | |
لـولاك كانـوا ألف ألف فتـى | يلقى الــردى فى صـنوه التربِ | |
فحفظتهـم ، ولممت شعثهمــو | وجمعتهـم ـ للسلــم والحـربِ | |
للسلـم، حتـى ما يقــال : أخ | ويبيــح أرض أخيــه للسلبِ | |
والحـرب ، حتى ما يقال : أخ | إن الوفـاء شـريعــة العُـرب | |
لم تمضِ حتـى قـال قائلهــم | للنصــر يحميــه وللكســب | |
ودم القـريب على القريب حمى | قد دَّبـروا للــدار مـن رعـبِ | |
ولرد كيـد المعتــدين ومــا | منك الهـدى فى الموقف الصعبِ | |
قبلوا هــداك وطـالما قبلـوا | واستوثقـوا من عـزمك الصلبِ | |
عرفوا جهــادك فى قضـيتهم | ولأنتَ منهــم مـركـز القطبِ | |
فهم الرحــى إن دار دائـرهم | إلا اليقيــن بنصــرة الـربَّ | |
* * * |
||
يا جلطــة ســوداء غـادرة | أكـذا يكـون الغــدر بالقـلبِ | |
أحسبت من أصـميته فقضـى | فرداً لقـد أخطــأت فى الحَسبِ | |
هـذا الـذى لو شئت قست به | ألفـاً لكـان بقــدره يُـربــى | |
أو قسـتِ مليــونا لما بلغـوا | من شــأوه حتـى إلى الكـعبِ | |
هذا جمـوع الشـعب زاخـرة | ومـواكبُ التاريـخ فى الـركبِ | |
هـذا الـذى ولـى وصـورته | تسبـى القلـوب بنـورها الرطبِ | |
أبداً تـذكرنـا بمــا كـشفت | عنا مــن الظـلمات والحـجبِ | |
وبما استفـزت فى ضــمائرنا | من ثــورة بالظـلم والغصـبِ | |
أنَّى ينـال المــوت من بطل | وهب الحيــاة لسائــر الشعبِ | |
أم كيف يسـكن خـافق خفقـت | فيه القلـوبُ بـدفقــة الحــبَّ | |
وتعلقت فـى كـل كارثـــة | منـه المنـى بالمـوئـل الرحب | |
هـذا الذى إن قلت " ناصرنا " | فالنصــرُ فى ما قلتـه حسبـى | |
إن غـاب عنـا شخصُـه فلقد | بقِىَ المنـار لنـا علــى الدربِ | |
سنسيـر فى النــور المديد له | حتى الـذرى ، حتى إلى السحبِ | |
ونظـلّ نقتحــم العقـاب بـه | ونجـوزهـا وثبـاً علـى وثـب | |
ونكـرّم البطـل الكبيــر بما | يصــلُ السمـاك الفرد بالقطبِ | |
من وحـدةِ شمــاء شامخــةٍ | تختـال مـن عَجَـب ومن عُجبِ | |
وبعـودة الـوطن السـليب إلى | أبنــائه مـن يعــرب الغـلب | |
* محمد عبده غانم، دمعة على جمال، (فى): حسن توفيق: الزعيم فى قلوب الشعراء ، (بيروت: بيسان للنشر والتوزيع والإعلام، 2002)، ص 551 ـ 557. |