طمس الحـــزن  جنـانى    وتولــى  ببيـــانـــى
ومشى الضــر بجسمــى    مشيــة  هــدت كيـانـى
كنت أرجــو بـرء  سقمى   فإذا سقـــم   دهــانــى
كلما  عــزيت قلبــــى    هــزنـــى  بالخفقــان
كلمـا كفـكفت   دمعـــى    عـزنـــى  بالهمـــلان
لست أدرى غيـــر  أنـى   ناكــس الجبهــة  عــان
صخـرة صـماء  خابى الـ    ـفكر ، معقــول   اللسـان
فأنـا  لـست بـحــــى    وأنا لســـت  بفــــان
ولى العـــذر فهذا الـــ    ـخطب بـدع فى الزمــان
طاح بالحلــم الموشَّـــى    وطــوى  بيض الأمانــى
ومضى بالأمــل الحلـــ    ــو مُغِــذًّا  غيــر  وان
سوف أبكيــك  أبا  الشــ    ـعب إذا سقمــى  جفانـى
بسكـوب مـن  جفــونـى    كَــدَمِ الأوداج قـــــان
وبشعـر لاهــب   الألــ    ـفاظ ، مشبــوب المعـانى
لمـن   النعش تهــــادى    فـــوق أنـات الحــزان
بين طـوفـان   دمـــوع    من عقـــيق  وجمـــان
خلته قد جمــــع الجنــ   سين من إنس  وجـــــان
ألعبــد   الناصر . المنصـ    ـور بالله  المعـــــان ؟
الشـديد ، الصلب والصنــ    ـديد ، والحــر الهجــان
     
لـم أصـدق كيف خر الطود   مزهـو الرعـان
لـم أصـدق كيف هاج الروض مطلول المجانـى
لـم أصـدق كيف  غاض البحـر فى بضع ثوان
* * *    
ليس تنسى العـرب  ما أسـ   ـلفت مـن أيــد  حســان
أنت فيها الأسمــر  الخطـا    ر والعضــب  اليمـانــى
أنت فيهــا مَفْـزَع الصــ    ـارخ يـــوم  الرَّجَفَــان
أنت فيهــا الظـل رطـبا    فى احتــدام  اللهبــــان
أنت فيهــا الغـيث  سكبـاً   حيـن تَظـمَا  الشــفتــان
أنت فيها بسمــة  العيـــ   ـد ونــور المهــرجــان
أنت فيهـا كوكـب اليمـــ    ـن ، ومسعــود   القِـران
أنت فيها بهجـــة   العـر    س لبكـــــرٍ   وعَـوان
أنت فيها نشــوة  اللقـــ    يا وإيقــاع  الأغـانـــى
كـيف بالله تنبـــــــأ    ت بأن المــــوت  دان  ؟
فأعـــدت الحــربَ سلما    بـاركتهــا   "المَكتــان"
ومحـا الشحنـــاء  حـب    وتصـــافـى "الأخـوان"
بعـد مــا سـالت دِمــاء   ضــج منها  "المشــرقان"
وتهــادت "جُـلد مِيــرٍ"    و"ابـن ديــان "التهـانى"
ذاك ميثـــاق  غليـــظ    أبرمـــته "الضـــفتان"
نقضــه كفــر بـــرب    الناس والســبع "المثانـى"
أيهــا الـراحـــل عنـا    دون عـــود لك  ثـــان
إنمــا ناعيــك  فينـــا   قد نعـــى شمس المغـانـى
قال ـ من أرعــاه سمعاً ـ    ليته كــــان  نعــانـى
ياله ليـــلا علينـــــا   منه رانـــت  ظلمتـــان
وكأن "الـزهـــر"  فيـه   بَرمــــَت بالــــدوران
وكأن الصـــبح  أعمــى    عن طـلوع الشـمس  غـان
لم تمت مــوت هلـــوع    لا ، ولا مـــوت جبــان
إنما مـــت  كمــا مــا   ت شهيــد  المعمعــــان
حمــل الرايــــة  حتى    سقطـت منـــه اليــدان
بين شــــد   واقتحــام    وضـــراب ، وطعـــان
لم تمت لـيس  بمــــيت    من نعــاه  "الخــافقـان"
ورثـــاه كــل من  عـا   لى بتــرجيــــع  الأذان
لـــم يمـت مـن هـذه آ    ثــاره مـــلء العيــان
قد جمـعت الدهر   فى عشـ   ـر سنيــن  وثمــانــى
حقبة فيهـــا بنـيت الــ    ـمجد أعـيا  كل بــــان
فانقضى العمـــر  وولـى    مسـرعــاً قبـــل الأوان
وكـذا الشـعلة  تفنــــى    إن غلت فــى   اللمعــان
وكــذا  تنمــحق الأقــ   ـمار حيــن  العنفـــوان
كــنت  والله زعيمــــا   غيـــر نـكس  هيَّبـــان
زانـك الله    بأخـــــلا    قٍ كريمـــات   متـــان
كنت طــلاعاً على الأهــ    ـوال ، مقـــدام   العنـان
كنت مثـل الجبــل الشــ   ـامخ بيـن الحــدثـــان
كنت ذا أيــد ، عيـوفــاً   آبيـا مس  الهــــــوان
كنت بالعهــــد   وفيــا   وحفيـــا   بالضــــمان
كنت ذا عـــزم   سبـوقاً   فى مجـــالات   الـرهـان
كنت ذا رحمـــى على كل    ضــعيفٍ ، جـــد حـان
كنت فى الظـلماء  وضــا   حا كبــــدر  إضـحيـان
كنت طلـق الوجـه فى اليـ    ـيوم العبـوس الأرونــان
كنت بســـام   الثنـايــا    فى دجـى الحــرب العوان
كلف بالحــق فى نصـــ   ـــر بنيـــه متفـــان
ومعيــن  كـل شـــعبٍ   مستغـــل   أو مهــــان
ومغـيث كــل   فـــرد    راح للبـؤســـى  يعانـى
أبيض القـلب  بــــرئ   من ســواد  الشَّنـــــآن
ومصــل تحت جنـح الليل   تـــال   "للقـــــران"
وصــدوق  القــول  زاك   فى ســـرار ، وعـــلان
وشجــاع  الــرأى تأبـى   روغـــان   "الثعلبـــان"
حامــل نفس  مُعَنــــى    بالمعـالـى لا  الغـوانــى
لم تهـم يومــاً ببنت الــ    ـخِدْر أو بنـت  الـدِّنــان
وأخــو سمــع تسـامـى    عـن  سقـاط الهــذيــان
وأبـت  كفــــــاك إلا   حمـل سـيف ، أوسنـــان
وفضـحت الساســـة الأو    غـاد مــن كل  هـــِدان
من دنـىءِ النفس سىءِ الــ    ـطبع رجس  الطيلســـان
من مُحــاكٍ للسعـالـــى    ومُضــــاه   للأتـــان
فسقيت الســـم صِــرفاً    كـل خــب أفعــــوان
وتلعـبت  مُجِـــــــدا    منهــــمُ   بالألعبـــان
وتطـوعت بصــفع الــ    ـخَلَبُــوص  الكَيْذُبـــان
فأقــروا  أن مصــــراً   من بنيهــــا  "القمــران"
حلية الدنيـــا بهاء الشــ   ـرق . إكليـل   الزمـــان
كـوثـر الأنهـار من أعـلا   مهـــا   والهـرمــــان
* * *
اقطعـوا البتـــرول  عنهم    واسمعوا صـوت  "ابن هانى"
ليجـــوع    "الإنجليـــ   ـزىُّ" ويشقى  الأمريكانــى"
ليس فى الإنصـاف  أن يجـ   ـنى خيــر العـرب  "جان"
لم يكـن  "صـهيون"  لـولا   ولدتـه  "الدّولتــــــان"
ثم والشــــر    جميعــاً    أرضـعــوه   بلبــــان
أيها القائــــد    والــرا    ئــد : والسامــى المكـان
والتقـى الطـيب   السمــح   وينبـــــوع  الحنـــان
وبشيــر السعــد  للشــ    ـرق ، ومصـباح الأمــان
لا تخف إرثـــك  بــاقٍ   ما أنـــار  "النيــــران"
نحــن قــــوام  عليـه   بيـن حـفظ وصـــــيان
قــدره أرفـــع  قــدرٍ    شأنــه أعظــــم شـأن
قد حوتــه كل عيــــنٍ   ووعتـــه  الأذنـــــان
ومضت تعشــــو  إليـه    فى سـراها   "الأمتـــان"
كيف لا نكـرم  عهــــداً   قبلتــه  "القِبلتــــــان"
قصــر العمـــر ولكـن    لك فيــه آيتـــــــان
ذكـرك السائـر فى  الدنــ   ـيا كنفــح   الأقحـــوان
ولقـاء الله   مجـزيــــا   "بفـــردوس   الجنـــان"
     
     


* على الجندى، "دمعة حارة"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 11 – 16.