أمل تحقق بعد طـــول مطالـه | بشـرى الحمــى بوثيقة استقلاله | |
عيد الجلاء لأنت يوم النحــر فى | إحرامـه والفطـــر فى إحلالـه | |
حققت للــوادى أعــز رجـائه | وأتيت بالمنشـــود من آمـــاله | |
يوم حنى التاريــــخ هامتـه له | واصطفت الأحقــاب لاستقبالــه | |
بز القرون جميعهــا بثـلاثــة | بجمــاله وصـــلاحه وكمـاله | |
الثورة البيضاء شــع بيـاضهـا | فى ظلمة الوادى شعاع هلالــــه | |
شبت فما احتــرقت بهـا دار ولا | شيبت بطيف دم ولا بخيـالــــه | |
والعهد بالثورات ناضجــة دمــاً | يحمر وجــه الأرض من سيـالـه | |
العاهل الجبــــار ولى طـائعاً | متعثـــر القدميــن فى أوحالـه | |
والغاصب المحتل سلــم سيفـه | ومضــى لطيتـه بــدون قتاله | |
أقسمت ما كان الجــــلاء تبرعاً | منه ولا التسـليم مــن أفضــاله | |
ليس العـرين إلى الدمـاء بحاجـة | حسب العرين الخوف من رئبـالـه | |
سلم الرئيس لمصــر ماذا يتبغـى | مغتاله ! شلت يــدا مغتــالــه | |
لطف الإله وجيش مصــر وشعبها | من عن يميــن رئيسهـا وشمـاله | |
أفنوا الكنانة لا جمـــالاً وحـده | إن شئتمــو فالكل مـن أمثالــه | |
قل للذى غدر الرئيس : غدرت من | ليس ارتكاب الغـدر بعض خصـاله | |
من صاول الجبــار فـوق سريره | لا يغـدر الأحــرار عند صـياله | |
هذا فتى حـر يواجــه خصمـه | لم يرم خصماً مـن وراء قــذالـه | |
لم يدع "آل محمــد" لوليمـــة | يومــاً وبيــرى هامهـم بنصاله | |
بطل الجلاء رماك غـــر غافـل | فتلـفتت مصــــر بقلب والـه | |
وحسبت ماء النيـل كاد يـكف عن | جريانـه ويثـور عــذب زلالـه | |
لما نجوت نجـا الحمـى من نكسة | تبقـى بقـاء الـدهـر فى أجيالـه | |
أيقـال شعب عض كفا حــررت | بالأمس هذا الشعب مـن أغـلاله ؟ | |
أيقال أردى النيـل منقـذه الـذى | بعث الحيـاة تـدب فى أوصـاله ؟ | |
أيقال غال النيــل ليثا صانــه | وحمـى حمـاه وذاد عن أشبالـه ؟ | |
قالوا : الرئيس نجـا فهلل معشـر | يفديـه بالمكتـوب مــن آجالــه | |
قالوا : الرئيس نجـا فكان لقولهـم | وقع الأذان وحسن صـوت بـلالـه | |
أتعود مصـر إلى الوراء بأهلهـا ؟ | ويسـود عهـد الـذل بعـد زواله ؟ | |
أيام كان الحكــم هــم عصابـة | بالـروح تسمح فى سبيـل وصالـه | |
لا يحكمــون الشعب إلا بالعصـا | والسـوط معتــزين باستــذلاله | |
والغاصب المحتـل شبــه مؤلـه | فى مصـر يرجو الكل وصل حباله | |
والعرش بين خمــاره وقمــاره | لاه تحف بــه ذوات حجـالــه | |
أتعود مصر وما حـوته صنيعــة | للنائب الحـــر الهمــام وآلـه | |
لا وزن فيها للنبـــوغ وإنمــا | يرقى السعيـد بعمــه وبخالــه | |
كم نائب حــر سقينا الشهــد من | أقوالـه والســم مــن أفعالــه | |
كم هاتف بحيـاة مصــر وإنمـا | لو تاجــر يعنيــه وفــرة ماله | |
ما كان الاستقـلال مطـلب أمــة | بل متجـراً عكفـوا على استغلالـه | |
أمعلمـى الـوادى إذا حـدثتمــو | نشء البـلاد الغض عـن أبطالـه | |
فلتأخذوا لهمو جمــالاً قـــدوة | ولتضـربـوا الأمثـال باستبسالـه | |
رجل تحدى من رمــاه بصـدره | مستهزئاً بسهامــــه ونبالـــه | |
رجل تناثرت القـــذائف حولـه | مطـراً فلم يقطـع سيـاق مقالـه | |
قولوا لنشء النيــل هذا خــادم | لبــلاده فانســـج على منوالـه | |
أمعلمى الـوادى عليكـــم واجب | لم يضطلـع أسلافكــم بمثالــه | |
الجيش حرر مصـر أجمعهـا فمن | للعلم فى مصـــر بحل عقالــه | |
إنى لألمح الاحتــلال مقنعـــاً | يتقمص التعليـــم فى أشكالــه | |
فاستأصلوا من مصر ما غرست يداً | "دنلوب" حانت ساعـة استئصالـه | |
العلم كان بمصــر بابا مقفـــلاً | فلتنزعــوا الأختـام عـن أقفالـه | |
يا راسمين بكل يـــوم خطــة | هل آن للتعليــــم حـط رحالـه | |
فى كل يـــوم منهـج متخـاذل | واهى الأساس يمـوت قبل فصـاله | |
الناشئ العــربـى يجهـل دينـه | ويحـار بين حرامــه وحــلاله | |
الناشئ العـربـى يجهـل أصلـه | بين الشعـوب فبصــروه بحالـه | |
لا يعرف الشـرق الذى يحيـا بـه | ومضـارب الأمـثـال مـن أقياله | |
يشدو "بنابليون" فى زهـــو وما | خطرت حـروب ابن الوليـد ببالـه | |
إن الكنانـة يشتكــى أبناؤهــا | إذ يطلبـون العيش ضـيق مجـاله | |
صوغوا لواديكم رجـالاً واغـرسوا | حب الكفــاح الحــر فى أطفالـه | |
ربوا على الخلق الشبيبة واصقلـوا | نزعاتهــا وميـولهـا بصقالـه | |
ليس المثقف مــن تثقف ذهنــه | وحجـاه دون طباعــه وخــلاله | |
العالم الغاوى أشــد على الحمـى | خطراً لعمـــر الله حيـن جهالـه | |
يا طابعيــن النشء هـذا يومكـم | عهد الخـلاص أظلكــم بظــلاله | |
أنتم رجـاء النيـل فـى نهضاتـه | أنتم جواب النيــل عنـد سؤالـه | |
وشعاعـه الفضــى فى ظلماتـه | وشعاعـه الذهبــى فى آصـالـه | |
أنتم بنـوه الناهضـون بـكل مـا | يعيى الجبال الشـــم من أحمـاله | |
حسب المعلـم أن كل مظفـــر | فى جيش مصــر يعد من أنجالـه | |
* الأهرام ، 5/11/1954 ، ص5. |