عام ، عصَـرَتنا أَشهُــرهُ   والدمــعُ تسلسلُ أَنهــــرُهُ
والنيل بمصـر  يفيض أسىً   من نبــعِ القلب   يُفجـــرُهُ
عام ، قد كان كأَعــــوام   ومضــى ، أفــلا نتدَبــرُهُ
الذَكرَى الأولَى  هَاهِـىَ ذِى   بالشعب تطُــــوفُ  تبشـرُهُ
بالنصر لمصرَ بمَا صبَـرت   والصبرُ ســـلاح  تشهــرُهُ
ذكرى : بالمِسكِ مُطيبـــة   تســرى فى الجــو   تُعطرُهُ
مَن فى مِصـــرٍ لا يذكرُهُ   والعالمُ ـ أجمــعُ ـ يَذكُــرُهُ
وسيبَقى العالــمُ يذكــرُهُ   بَشـراً بَطـلاً ، ويُقــــدرُهُ
ويُقدرُ مِصـــرَ ونهضتها   بالحُكــمِ الحـــق يُدَبــرُهُ
بالفِكـر الحُـر  ، بموهبَـةٍ   تستـرعى اللـب ،  وتبهــرُهُ
***    
يا أَيتُها الذكــرَى الأُولَـى   لرَحِيل عزيــــزٍ  نُكْبــرُهُ
لن ننسَى يومَ قضى  ومَضى   هذا خطبٌ لا  نُصـْغــــره
بمبادئهِ نمضــى  قُدُمــاً   نتحَدى الدهــرَ   ، ونقهــرُهُ
أفلم نُحــرز  بقيادَتِـــهِ   مَا كان عسيــراً أيسَـــرُهُ ؟
***    
لله "جمال" فى   وطـــنٍ   هو مِحــوره  ومُحــــوِّره
لله : ثورتــهُ الكُبـــرَى   والشعبُ ـ جميعـاً ـ   عَسكرُهُ
كم ذا جمعَ الأعـــداء لها   ما غيـرُ جمــالٍ يَحـــذرُهُ
فسلُوهم : كيف   تحداهــم   ومضــى بالـركب يُسَيّــره
يا عبد الناصــر  ، يا أمَلاً   لِلأمِــــة حُقِّق أَكثــــرُهُ
كالوعدِ الحــق أتيت  على   قـدَرٍ .. الله    مُسَخّـــــره
شعُرَ المَصــرى  بغربتـهِ   فى مِصــر فجئت تُمَصــرُهُ
ونذرت حياتــك قُربانــاً   يفـدِيـِه ، ومثـلك يَنْـــذُرهُ
وحملت لـواءَ  عُرُوبَتــهِ   فى كل مكـــانٍ  تَنشـــرُهُ
حققت لشعبك ما استعصَـى   من قبلُ وطـال  تَنَظّــــرُهُ
العَرشُ الزائفُ  طِـحت بِه   فانطـــاحَ وراحَ تجَبّـــره
والحكم الفاسـدُ من دَهــر   بالثـــورةِ أنت مُغَيّــــرُهُ
وطـردت  المحتـل الأعتى   فَجَـلا يُخْـزِيه    تَعَثّــــره
وأعدت الأرض لزارعهــا   فاعتـــز بما هـى تُثمــره
والوادى : بالسـد العالــى   أثـرى وتضـاعف أَخضــره
وأعدت قناةً قـد  حُفــرت   بدمٍ لم يَرحــــم مُهـــدره
فأعدت الحـق  لصاحبــه   والحـق القـــوة  تُظهــرُه
وأقمت الجيش علـى  أُسسٍ   رسخت فتجَلَّــى جوهـــره
قد عشت له مـا  عشت أباً   وعلى أبنائـــك     تُؤْثــرُه
ودعـوت إلى علـم يُحيـى   مَيْت الإبــداع ويُنْشِــــرُه
والدين بمصـر  أعـدت له   عهـــداً ولـى   نتذكـــره
الديـن الحــق يلـوذ  بها   وبها   يشتـــد مُعسكـــره
هى منذ النشــأة  قلعتــه   هى موطنــه ، هى  مصـدره
منها قد أشـــرق أولــه   وعليها يصـــلح  آخـــره
والدين بخيــر مـا  بقيت   والأزهـــر فيها : منبـــره
***    
يا أيتها الذكــرى الأولـى   من فى  الدنيـــا لا يذكــره
وضّاء الوجــه  منضـره   لمّـاح اللحـظ ،  مُعَبِّــــره
المحنــةُ ليست تُقْصِــره   والنعمــــة ليست تُبْطِــره
قد عـاش مهيبـاً  منظـره   مرْضــىِّ البـاطن مَخبَــرُه
***    
يا أيتها الذكــرى الأولـى   للشعب شعــور يشــــعره
وأكــاد بأذنــى أسمعـه   إذ يـهتف .. إذ   يتذكــــره
يا عبد الناصـر  يا ولـدى   يا كنـز حياتــى  أَذْخَـــره
يا حُلماً لى فى ليل  أســىً   قد طـال  وجئت تفســــره
قــوّالاً  كـنت وفعّـالاً ،   ما أرغب فيـــه  تقـــرره
كم ذا لك من  قــولٍ حسنٍ   يحلو ـ كالشهد ـ  مُكـــرَّره
سيظل كتابــاً  منشــوراً   تُتلـى ، بـل تُحفـظ  أسطـره
***    
فلتهدأ روحـك  ولتنعـــم   فى الخُــــلد  بما تتخيــره
سنواصل ثورتك  العُظمـى   والنصــر قـريب نُبْصِــره
أعدَدْنـا العُــدة للعــادى   بسعيــرٍ  فيــه نُسعِّـــره
اليـوم  يَــذلُ تكبُّـــره   لا خــدّ اليــوم  يُصــعره
الوحـدة  قد قامت ســـداً   لا ينقبـه  أو يَظْهَــــــره
بانيهـــا أنت ومُعْليهــا   بكفـاحٍ عـــزَّ  تصـــوره
أطللت على ليل  الــوادى   فجـراً  قد طــال تأخـــره
وتركت لنا من بعــدك من   فيه من فجــرك  (أنْـــوَره)
هو صاحبك الصـديق  ومن   للجُلَّــى  (2) كنت تُصــدّره
جندى ـ مثلك ـ  مصـرى   كالنيــل يَروعـك  أسمــره
عربـى ـ مثلك ـ ذو شممٍ   مفتــــوح  القلب منــوره
اختـرنـاه   لقيــادتنــا   فى يــوم آت   ننظــــره
وعليه الآمـــال انعقـدت   لخــــلاصٍ   مما ننكــره
من أسْـر استعمـار قـاسٍ   الويـل لشـعب يـأسِــــره
من ظلم ذوى القـربى  وأخ   فى ظهــر أخيـه  خنجــره
من حكـم   يَقبح مظهــره   والأقبــح  منــه مُضْمَــره
من ذى غــدرٍ أو ذى مكرٍ   لحسـاب عـــدو   يَمْكــره
فليمض بـرايتك   العليــا   للقـدس الطهـــر يطهــره
الأمـــة قد وقفت صـفا   تتــرقب مــاذا  يأمـــره
والجـو صفا لعــروبتنـا   لا شـئ اليــوم يعكــــره
والنصر بشائــره  سطعت   كشـعاع ذكــاء  تنثــــره
من كان الحـق له  هـدفـاً   فالله ـ بحــق ـ ينصـــره
     
     


 * عبد السلام شهاب، "بعد عام من الرحيل"، المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، (القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية االفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 95 – 99.
(2) الأمور الخطيرة والجليلة.