أنت باق ولم تـزل فى الوجــود   فى قلـوب وفى عيـون ســود
الجماهيـر نورهـا  أنت فى الليل   وإلهامهــا  إلى المنشــــود
حبها حب عابــد قــدم  النفس   وأهــدى  العنـان  للمعبــود
ما شكت دربك الطـويل وقد كانت   تمنى الخطـى بـدرب  جــديد
أنت علمتها الصعـود إلى المجـد   وعلمتهـا احتمـال الصـــعود
إن تبديت صفق النيــل  زهـواً   وانحنـى كل شـامخ للســجود
وإذا ما خطبت أصغت  لك الدنيـا   وحييت  بالهتـاف الشــديــد
وقفت خلفك الجماهيـر  لا ترهب   حقـداً مـن شانـئ أو حســود
وجدت فيك ذلك  القائـد الصـلب   وأغلـى رجائهــا المعقـــود
وسرت فى الدجـى   وكنت نشيداً   عبقـرياً لفك  شتـى القيـــود
* * *
يا أبا خـالد وفـاءُ الجمـاهيــر   وفـاء مبــرأ مــن  جحـود
عصـرت قلبها العـروبة  دمعـاً   وتهـاوت فى يومــك  المشهود
وادلهـم الفضاءَ  واسودت الأرض   وما كان فى الأسـى من مزيــد
يا أبا خـالد فقدنــاك  لكـــن   لست والله عنـدنـا بفقيــــد
العهـود التى قطعنــا  بــواق   نحن أربـاب مبـدأ وعهـــود
ولنا فى غــد هجـوم وثـارات   ونصــر من العـزيز  الحميـد
إن خسـرنا فكـم هزمنـا جيوشاً   ورفعنا البنـود فـوق  البنــود
كبوة الغـدر  لن يسجلها التاريخ ،   نصـراً لحفنــة من يهـــود
والفتـوحات نحن أهـل الفتوحات   وفن الحــروب  صنع الجـدود
أين كوهين يـوم سـرنا إلى الشام   وجـدنا بـألف ألف شهيــــد
وأعدنـا عـروبـة  لفلسطيــن   وقلنا للـروم يا روم عـــودى
هذه الأرض أرضنــا وبنـوهـا   هم بنو قـومنا الأبـاة الأســود
* * *
حلق النسـر فى الفضـاء المديـد   وتهـادى فـوق السحاب البعيـد
لم يخف سطوة  الصواعق والبرق   ولا هـزه احتــدام  الرعــود
ومضى مصعــداً يشق  جناحـاه   الرزايـا فى عـزمة  من حديـد
يصـفع المستحيـل يهـزأ  بالبعد   ويطـوى الحـدود بعد  الحـدود
وسـرى الرعب فى الكواكب حتى   غرقت فى تخبـط  وشـــرود
ما لهذا العنيـد ؟ كـيف  تـحدى   كل صعب؟ وما مدى ذا العنيـد ؟
لا تخافـى كـــواكب  الـكون   فالنسـر يعانى من قلبه المـكدود
فهو إن طـاول السمــاك فقد آن   له أن يــؤم دار الخلــــود
وهوى النســر  والكواكب تبكيه   ودوى نعيــه فى  الـوجــود
فلقد كان رائعـاً فى البطــولات   وقد كان رائعــاً فى الصــمود
     
     


* شاعر من الكويت.. انظر أحمد السقاف، "النسر"،من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر" من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد ، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، 1973)، ص 217 ـ 218.