سهر العمر فى حراسة شعبــــه   ومضى يستريح فى ظل  ربـــه
راضياً يحمــل الكتـاب  بيمنـاه   وكان الســلام آخـــر كتبــه
ورأى أمــةً تبـاع إلى  المـوت   فنــاداه، واشتـراهــا   بقلبـه
وإذا ما القضــاء حـم على الحى   أبيـاً على الطــبيب  وطـبــه
فانحنوا للقضــاء ، تلك   يـد الله   أشارت إليه مــن خـلف  غيبـه
موعد للسمـاء فى منـزل الوحـى   تلاقـــى  الحـبيب فيه بحبــه
من يمت فادياً شهيــد  نضــال   يحى فى عالــم الخـلود   ورحبه
لا تقولوا قضـى . وتلك  أياديــه   تبث الحيــاة مـن بعـد نحبــه
إن من ينصـر الحياة على الأرض   عصى على المنـون  وخطبـــه
لا تقولوا انتهــى ، فمــا  وقف   الركب ولا أطـبق الظـلام   بدربه
انتهى . كالنهـار يولــج فى الليل   على موعــد  الصـباح بأدبه (1)
انتهاء العظيـــم بــدء  حيـاة   كانتهـاء للنهــر عنــد  مصبه
إنما يصـنع الخـلود  عظيـــم   ذكره فى الزمــان رائد  ركبــه
ما غناء الوجــود  من غير إنسان   يظل الوجـود صــدراً  لقلبــه
إنه بينكـم يقــود إلى النصــر   خطاكم على الطـــريق كدأبــه
علم الثــورة المرفوف فى عليـاه   أبقى من الزمــان  وحقبــــه
كلمات الأســى يمزقهـا  الـرزء   ويـذرو حروفهــا فى مهبـــه
من أجاج المأساة ما يشرب الشعـر   وما غصت المعـانـى بشربـــه
كان قبل المأسـاة يحـــدوه   فى   الـركب ويشدو على خطـاه  بعذبه
الزعيـم  الشجـاع ، والقائـد الفذ   وحامـى الحمـى . ورائـد  سربه
والذى صــارت العـدالة  والسلم   وصوت الشعــوب أركـان حربه
قاذف الرعب فى قلوب أعاديـــه   بإيمانــه  وصــارم عضــبه
قائد الفـــلك فى الأعاصـــير   والأمـواج لم تعصف الصعاب بلبه
التقــى النقـى خلقـاً ،  وأدنـى   حظه من تقى نقـــاوة   ثوبــه
والذى ينتمى لمصــر ويجــرى   دافق النيــل فى دمــاه  وصلبه
عاش صباً يهيــم  حبــاً بشعب   ذاق حلو الهوى هيامــاً بصــبه
صانع الثــورة   الصناع وراعيها   وفى دفئهــا  حـــرارة  حبـه
زارع الخير والعوارف فى  مصـر   وعـدوا فيهـا سنابـل   حبـــه
فارع الهمة القــوى  وحمـــال   همــوم الإنسـان فيها  وكـربـه
والذى كفكف الدمــوع بكفيـــه   عــزيز  عليه لوعــة شعبــه
والذى شـاد  بالحنـــان وبالحب   كما شـاد بالحـديــد  وصــلبه
شاد طوداً أشد من هــرم السـد !   وأعتى مـن  الحـديـد وصبــه
أمة تقهر الخطــوب  وتمشــى   كبريـاء على الزمــان وريبــه
ونظاماً تدور من حوله الثــورات   مشـــدودة بقــــوة جذبــه
عربيا بناؤه (ناصــرى) الفكــر   من حكمــة (ابن مصـر)  وأربه
الشهاب الذى توهــج فى  الأفـق   زماناً ، وكان أسطـــع شهبــه
لم يكد يجتلى على الشـرق  حتـى   جذبتــه يد الـرؤى نـحو  غربه
كلما زلزلت زلازل فـى الشــرق   فولى وجـوهـه  شطــر قطـبه
رأبت صــدعه يداه من الفــور   ومن ســواه يـرجــى  لرأبـه
كان حلــم الأجيال بالبطل  الندب   ونجــوى أشواقهــا قبـل  ندبه
وكأن القــرون من عهــد عـاد   شهدت عصــره وعاشت بقـربه
عالــم الغيب والشهــادة  ربـاه   على عينـــه ، ليـــوم  بغيبه
يوم شــاهت رؤى  الحيــــاة   وأضحى كل شى يتيـه عجباً بعيبه
يوم باتت شوامخ الشــرق أطلالاً   وأشــلاء من كرامـــة عربـه
يوم دك الظـــلام  فى مصــر   بالجيش وشاد النهار صـرحاً لشعبه
ثم عاد الربيـع يلقــى مجاليــه   على وحشــة الخـريف  وجدبـه
***
طاقة الحــزن فجرتهـا الجماهير   صــموداً على الكفــاح ودربـه
رب خطب جــرى فأيقــظ  فى   الشعب عيونــاً من  الرقاد بنصبه
وعزاء لمصــر  فى رمزها الحى   و(صديقه)  الكريــم  وصحبــه
إنهم فتية أقامــوا على العهـــد   وآلوا على النضــال   وكسبــه
فتية آمنوا بدين الزعيـم  الحــق   من صـــفوة  الرعيـل ونجبـه
نحن قلنا (نعم) ومــا كان  عنهـا   من بديل سوى الضـياع ورعبــه
نحن قلنا (نعم) لـــروح  (جمال)   فى أخيــه الذى اصـطفاه  وتربه
ولجيل من بعدنــا سـوف يأتـى   قد كفينـا غـداً مـؤونــه عتبـه
نحن قلنا (نعم) لتحــرير "سيناء"   ومحو العــدوان عنها  وشجبــه
نحن قلنا (نعم) لغــزة والجـولان   والقدس . والفـداء  وحــزبــه
ليعــود الحـق السليب إلى شعب   (فلسطيـن) كامــلاً بعـد  سلبـه
لاشتراكية تــرعـرع فى الشمس   وتزكـو علـى السـلام  وخصـبه
اشتراكية الكفايــــة والعــدل   وكانت منـى الزعيــم لشعبــه
التراب التراب يا قـادة الــزحف   وما نعـــدل الحيــاة بعشبــه
والجــلاء الجـلاء  عن كل شبر   فيه .. عن كل ذرة مـن تـربــه
الصــواريخ مشــرعات ، وأى   قام فى الأرض لن يقـام بسحبــه
نحن لا نرفض السـلام على العدل   ولا نشتـرى اليبـيس بـرطبــه
إن من يقبل الســلام على الظلـم   كمن يـرفـع  الجـــدار بنقبـه
ولعل العــدو يجنـــح  للسلـم   وتطغــى عليه  عقـــدة ذنبـه
فإذا راوغ اتقـــاء لضـــرب   فاستعـدوا بما استطعت،،م  لضربه
وإذا شـاءهــا قتــالاً  وحربـاً   فاجعلوها فى الأرض  آخر حـربه
واحــذروا ثعلب   الخيانــة أن   يخــرج للغــدو من غيابة  جبه
***
إن عين الزعيــم ترنــو إلينـا   لترى (هل نكون ؟) من خلف حجبه
اذكـروا قوله عن الحـق مغصوباً   بمــاذا نــرده بعــد  غصبـه
الطـريق الطويل سهـر على كـل   قــوى لا يستهيـــن  بصعبـه
***
رضى الله عن (جمال)  شهيـــداً   وسقــى قبــره  بوابل صـوبه
وســلام عليه فى جنـة المأوى ،   كما عـاش  مستهـامــاً بحبــه
وبحسب التاريـخ ما تحفظ الأجيال   من ذكـره  المجيــد . . بحسبـه
     
     


 * محمود عبد الحى، "النجم الثاقب" ãä ãÑÇËì ÇáÔÚÑÇÁ Ýì ÐßÑì ÇáÒÚíã ÇáÎÇáÏ "ÌãÇá ÚÈÏ ÇáäÇÕÑ" (ÕÇÏÑ Úä ÇáãÌáÓ ÇáÃÚáì áÑÚÇíÉ ÇáÝäæä æÇáÂÏÇÈ æÇáÚáæã ÇáÇÌÊãÇÚíÉ)، (القاهرة: مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 79 ـ 82.
 (1) وردت هكذا فى النص المنشور ولعل المقصود : بدأبه.