على ربـوة الأمجـاد حققت مقعـدا   وفوق  ذرى التاريــخ هيأت مـرقدا
وعشت لهذا الشـرق  رمز نضـاله   وترياقه الراقــى  وسهماً  مســددا
فعاديت من عـاديت من أجل حقـه   وصافيت من صافـى ووالـى وأيـدا
رسالتك الكبــرى  تحملت عبئهـا   فجبت بها الآفاق  تمضــى مصعـدا
تعهدتها بالبــذل  حتــى تحققت   وألبستها كسـباً وفخــراً وســؤددا
وقمت علـى التاريــخ تملى إرادة ً   أضاف بها للخـلد سفراً   مخلـــدا
فعدت نشيــداً فى الحناجـر رائعاً   وصـرت علـى الأفواه  لحناً مـرددا

* * *

فقدناك والأحداث فى الشرق قد غدت   يلاحق  منها البعض بعضـاً معـربدا
غدا الشـرق مهداً للخيانات ترتعـى   لديـه وتغـرى فيه عبـداً  وسيــدا
تهاوت نفوس لم يك  البـذل همهـا   ولم تعرف الإيثار والبــذل والفــدا
قيادات هذا الشــرق إلا أقلهـــا   قضت نحبهــا  جبنــاً وماتت  تبلدا
فتى الشرق  من للشرق إن حان بعثه   ليجمع  يـوم البعث  شمــلاً  مبـددا
ومن يورد الرايـات إن هى رفرفت   بعـزمة ذى طول متـى  شـاء أوردا
وكنت الفتــى نعـم  الفتى أمّ أهله   بقلب كبيـر يجمـع البـأس والنـدى
تمد غــداة البــذل كفـاً  نديــة   وتهتز يــوم الـروع سيفـاً  مهنـدا
أبا خالد والخــلد أنت   صنعتــه   بكفيك صناعاً قديــــراً  مجــددا
سعيت له فــى قــوة  وعزيمـة   فسويته صرحـــا منيعــا ممـردا
تضـاربت الآراء فــى كل  قائـدٍ   وقـدت فكان الـرأى فيـك  موحـدا
سواك علـى الحبلين عـاش ممثـلاً   فسـاوم فى الحـق المبين  وزايــدا
 وسـرت كسـهمٍ  مرسلٍ نحو غاية   يشق طريقـاً واضحــاً  ومحــددا
فمـا خفت جبـاراً ولـم تخش عاتياً   ولم تـرض إلا الله مـولاك  سيــدا
ولـم تعتنق إلا هـوى الشرق مذهباً   ولم تعتمـد إلا علـى الحـق ساعـدا
وقفت وظـن الخصــم  أنك راكعٌ   وأن بنــى الأهــرام تلقاه  سجـدا
فما راعـه إلا  إنتفاضـة  مــارد   جـرئ قـوى  العزم لا يرهب الردى
وما هالـه إلا وقـوفـك  شامخــاً   تعيد بنـاء الـدرب سهـــلاً  معبدا
عظيماً على الأحـداث مهما تعاظمت   كبيراً برغـم  الخطب قد جاوز المدى
فصـارعت حتى عدت أقوى شكيمة   وجالدت حتـى عـدت أقـوى وأجلدا
فتى الشرق والأحزان تهصر مهجتى   فتجعلنـى قلباً   وفكـــراً مشـردا
هرعت لهـذا الشعر أنظــم أدمعى   وأسكب أنّاتــى فلــم يعـط مقودا
وكنت به من قبل  ألقــاك منشـداً   ببذلك صــداحاً  فخـوراً مغــردا
فيجـرى كما تجرى يـداك سهـولة   ويأتى كما يأتــى نــداك  مجـددا

* * *

أخا جعفـر قـد كنت  رمـز كفاحه   وملهمــه النهـج الذى قــد تقلـدا
وكان قبيل الخطب يشـدو بفضلكـم   فأوضـح ما أسـديت فضـلاً وأوردا
فيا جعفـر المنصور سر سير ناصر   وكن خبراً حلواً كما  كـان مبتـــدا
وأنت قطعت العهــد تكمل  شوطه   وأن تــرد النهـج الذى  شاء موردا
أخا ياسـر من يردع الخطب إن عدا   ومن يدفع الجلّـى ومن  يدرأ الـردى
ومن يجمـع الإخوان فى يوم  خلفهم   فينصف مظلومـا  ويثنـى من اعتدى
ومن ينشـر الظـل الوريف يظـله   متى أبـدت الأحـداث  جـوا ملبـدا
ومن يبسـط الكـف الرحيم  يحوطه   إذ خان ذو القربـى وإن صـالت العدا
فتى الشـرق والأحزان تلجم منطقى   فتجعــله  عيّاً حبيسـاً مقيــــدا
هرعت لهذا الشعر أطفـئ  حسرتى   فألفيتهـــا والله زادت توقــــدا
وكنت به الصـوال فـى كل محفل   متـى هزنى الإيثار والبــذل  والفدا
به أقرع الأجــراس إن جد  حادث   وأحـدوا به ركب المجــدين  منشدا
فتى الشـرق من للشرق إن جن ليله   يضئ له الآفاق   بــدراً  وفرقــدا
وكنت ملاذ الشــرق فى كل  محنةٍ   وكنت مجن الشــرق إن دهـره عدا
تعهـدته حتــى إذا اشتد عــوده   وأصبـح يوم النصـر حتماً مــؤكدا
مضيت !! فمن للنصر بعدك يا فتى!   ليزحف يوم النصـر رأسـاً  وقائـدا
مضيت مع الإسـراء  حتـى  كأنما   ضـربت مع الإسـراء  والخلد موعدا

* * *

جمال جمال الشـرق عش فى جفونه   وعش فى أمانيـه وعش فيـه  سرمدا
قناتـك  ما لانت ولا لان عودهــا   ولا سيفك البتـار قد عــاد  مغمـدا
وما انتكست رايـات نصـرٍ رفعتها   تلقفها السـادات   يسعــى مؤيــدا
رفيقـك  فـى درب الكفـاح عرفته   جريئاً كحـد السـيف  ما طاب  مرقدا
كتائبك الظمأى إلى النصر قد  مضت   إليه وأعطت أنــور الفحــل مقودا
وأقسـم لن يمشى على الدرب  وحده   ولن يسـلك الدرب الذى  سـار أوحدا
فكل فتـى فى مصر قد عاد ناصـرا   وكل فتـى فى الشــرق لبى مجنـدا
جمال جمال الشـرق عش فى جفونه   وعش فى أمانيــه وعش فيه  سرمدا
وعش فى ربـى الأمجاد  ملهـم أمة   وعش بين سمـع الدهـر  لحناً مخلدا
فما مات من خط  الطريـق  لقومـه   ومن عبأ الإحسـاس جمـراً  وأوقـدا
هوى النجم لكنـى أرى النجم  شعلة   تضــىء لنا هذا الطـريق المعبــدا
     
     

* إبراهيم عمر الأمين، "غاب النجم"، من مراثى الشعراء فى ذكرى الزعيم الخالد "جمال عبد الناصر"، (القاهرة : مطبوعات المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ، 1973)، ص 187 ـ 190.