وجـايـب ربابـــتى .. إنـمـا خـجـلان | ما غنـيتش يـا خِلِّـى بـقالـى زمـــان | |
بِـذِكـر الـنبـــى يِـتْطـمن اللــهفان | ولابـد قـبل ما اقـول أَصَّـلى على النبـى | |
ولكـن قـلـبه كــان مـــلان بحـنان | نـبى عـربى مـا كـان شـاعر ولا نــظم | |
وكــان يـكـره الـعــدوان والطغــيان | ولــكـن قلـبـه مــلان حـب للبـشـر | |
وكـان نــار وكـان جنـة وكان إنســان | وكان سيف وكان ورده وكان روح وكان جسـد | |
رسـول الـعـمل طــــه النبى العدنـان | أصـلِّى على نـوره اللـى بيـشـعّ بالأمـل | |
وجـوَّات صــدرُه م الحـماس غَلْيـــان | يـقول الفـتـى الشـاعر عـلى قـدّ قـدرته | |
وامتـــى العــرب طاقـوا يشوفوا هوان | ما عُدناش نـطيق الظلم فى الأرض يـا عرب | |
هـنا كـل شـبر بينفجــر بــــركان | هنا مـوطن الأحـرار هـنا قلـعة الغـضب | |
وفـيه كـل غـــارق فى الزَّرد عــرقان | هـنا عـاش صـلاح الـدين هنا مَـر موكبه | |
فـوارس حـــــوارس ع الديـار شجعان | وفـيه كـل طـهـمان الزمـان وِشِّـه مبتسم | |
وســـامع أبـو أيـوب وهو غضـــبان | كـأنى شايفـهم والـعـوالـى فـى يَـدُّهـم | |
هـنا أرض مـا تنـداس بنــــدل جبـان | هـبط لـص قـال لـه لا تعـتّب الـحمـى | |
أنـا قـوتى فـى الـــحق والإيـمـــان | حسـامـك يـا جنـس الكـلب، ورينى قوتك | |
ويجـعل هزيـمتك عار مدى الأزمــــان | أنـا قـوتى فى الشـعـب، والشـعب يسحقك | |
ولـو كـنت مــا تخـشع تكون ندمـــان | ولـو كنـت مـا ترجع تـكـون دى منِّيـتك | |
صلـيل السـيوف فـيها ما زال رنــــان | معـارك ودارت مـعركـة تـبزّ مـعـركـة | |
جـدع م العرب مطعون علــى الكثبــان | ومـا زال رنـان الـنــشـيـد اللى أنشـده | |
احـبك وامــوت لجــلك وانــا فرحان | بـلادى يـا أمـى يـا حبيـبتى يـا طفلـتى | |
ولـو كـنت فـى بحــــر العـدم غرقان | كفـاية أشـوف النـصر بســّام فى طلعـتك | |
أنـا ابتســـم يـا حـــلوة فى الأكـفان | خديـنى عـلى صـدرك وغـنى لـى غنوتك | |
وكـان نــسر له فتوحــات فــى البلدان | وكـان نـصر لـه جـناحات تطير بيها للعلا | |
وراس العـــرب مــرفـوعة ما تنهــان | وأيـام تجـيب أعـوام وأعـوام تجيب حِقْب | |
كـما ضـــاعت القطــرة فى بحر ملان | تـولـوا علينا الترك ضـاعوا فـى وسـطنا | |
ومـا كـان لهـــم إلا ســـلاح عـدمان | أنــا الفـن والصنـعة لـنا العـلـم والأدب | |
يـهل الخـــطر يجـــروا كـما الجديان | شـيلوا السـلاح رايحـين وجـايـين بفشخرة | |
ويـاما جابـهنا بصـــدرنـا العـــريان | نجـابه بـدالـهم كـل صـنـديد بصـدرنـا | |
تـِأَيٍّد كــلامــى وتضـرب الـبرهــان | مـعارك حـوارى القـاهرة عـايشة فى كتب | |
ومـا فضـلـش إلا شعـــبنا ســـهران | فرنسـيس أغاروا تـرك طـاروا وبـرطعوا | |
أنـا قـدهـا وقـدود يــا جـدعــــان | أنـا قـدهـا وقـدود قــال ابـن حَـيِّـنـا | |
أبـو زيـــــد زمانـه بس ناقصُه حصان | وشـال أى حـاجة فى ايده وانصبّ فى الخطر | |
جـواســــر كـواسر يفلـقوا الصــوّان | وحـارب مـعـاه حـتى الـعواجيز والنـسا | |
كـده الناس ضــرورى يــوم أُصولها تبان | كـده شعـبنا فـى الشـدة ما يكونش غير كده | |
بتـوزن أصــــول الغـدّاريـن بميزان | وثـورة عـرابى وطعـنة التـرك ضـهرها | |
وثـــورة تسـعـتاشـــر لـهم تِبــيان | وثـورة هـنانو ودعـوته لـوحـدة العـرب | |
كـما التـفت الهــلالات بالصــــلـبان | عـرب مسـلمـين ونـصارى بـيلٍـفُّهم علم | |
شـجاعة قلـــوبهـم من رضــا الرحمن | عـرب مسلمين ونصارى نـاويين على الردى | |
ولـو تنقســم شــــمس النهار نصـفان | عـرب مسـلمـين ونصـارى وحدة ما تنقسم | |
وللـبــرق فى عيونهــم ضيا ولمـــعان | يقـولوا بـصوت واحـد كما الرعـد لو رَعدَ | |
كـفى دس يـا حربـايــة يــا لـــوان | كـفى من أمـور "فـرق تـسد" يا عـدونا | |
ورا كـل دعـــوة مـن جـــرس وأَدان | أنـا الشـعب نصـرانـى ومسـلم وبالعـنك | |
وبـالرمـــح ضــارب فيك يا شيطــان | أنا الشـعب مار جرجـس مع الخضر فى جسد | |
كـما يشـهد الإبـــداع عــلى الفــنان | صـحايـف مـن الـتاريـخ بـتـشهد ببأسنا | |
كـما يـرجـع الفـنان إلـى الألــــوان | نـشوفـها ونـتمـتع ونـرجـع لنفـسـنـا | |
يبـان الـقديـم جـنب الجــــديد بهتان | نشـوف لـون لحـاضرنا قـصاد لون لأمسنا | |
ولا كـل مـن شاف يوم يشوفـه كمـــان | ولا كل مـن قـال كـنت يـقـدر يـقول أنا | |
مش احنــا اللــى نتباهــى بكان ياما كان | مـش احـنا اللى نـتفاخر بماضى مضى وفنا | |
لنا معــــــركتنا ومعركتنــــا الآن | لنـا ملحمـتنـا وملحـمـتنا لـها العـجـب | |
وهـايب ربـــابته وهــــايب الأوزان | يقـول الفـتى الشـاعر وقـلـبـه نـيـران | |
صبـــى مـا فى زَيُّـــه فى البلد صبيان | فـى يـوم فى الشـتا فى اسكـندرية اتولد ولد | |
ولـه قـامــه عالية تزينُــه فــى الولدان | عيـنـيه واسـعه زى الصـقـر لـكن مفكره | |
كـما يِنْـحدف نحـو الظـــلال حــران | فى أول مـا خطَّى رِجـل راح دوغرى للهدف | |
عـربـان بـنى مـر العظــام الشـــان | جـمال ابـن عـبد النـاصر الإسـم والنسب | |
ومـن نبعهــم نشـــأ الفتــى شـربان | كـرام فـى سجـاياهم وأحـرار فـى طبعهم | |
نـبـت وازدَهــى يعشق هــوى الأوطان | وشـربان مـن طـل الشـطوط زى وردهـا | |
ومـركبنا تـايهـــة لـــم لها ربــان | وأول كـفـاح الفـجر لاح لـكـن انـطفـى | |
ويـامـا وجــــوه لبست لِتام أحـــزان | مـا بـين الوجوه كـان وجهه مشرق كما العلم | |
وكان يبقى ماشى فى الطــريق ســـرحان | وكـان يبـقـى واقف فى الزحام شايل الكتب | |
وللسيـد الدرويش يـــقول ألحــــان | ويحلم ويحـلم بالحـيـاة لمـا تــزدهــر | |
وتطـلع يـا محلا نورهـا شمس أمـــان | بـلادى بـلادى خـد بنـاصرى ده دين عليك | |
ويـوم يلـقى نفسـه فى العلــوم دهشــان | ويوم يلـقى نفـسه ف وسـط مـيدان معركة | |
ويـــوم يلـقى نفسه بِيِّدّى فــى المليـان | ويـوم يلـقى نفـسه بيـجمع الصف فى الخفا | |
ومـــن قبـلها بلـــيالى كـان يقظــان | ساعتـها ما كـنـش ف حـلم لكن فى يقظته | |
كـمـا يسـهــر الخـبــاز للأفـــران | لـيالى فـى عـام اثـنين وخمـسين سهر لها | |
خـبـز خُـبـز للأرواح وللأبـــــدان | خَبَـز قـرص شمـس طليق خَبَز ترس للعمل | |
ومتطلعة لـقــــدام فـــى اطمـئـنان | وتنـهـض جموع الشـعب ثـورة مـولـعة | |
تـنـادى علـيـك الأهـــل والخِــلان | لـقـدام لقـدام يـا جـمال اسـمـع الـنـدا | |
تـنـادى علـيـك الريـــح فى الوديــان | لـقدام لـقدام يـا بـطـل هـب وانطـلـق | |
تنــادى علـيك عصـــفورة م الأغصـان | لـقـدام لـقـدام يـا جـدع ربـنـا مـعـك | |
تـقـدم تـقــدم واهـــــزم الطغيـان | تنـادى علـيك كـل العـرب يـا فتى العرب | |
وفى البـحـر يغـطس آخــر التيجـــان | ويتـحدر الطغـيـان وفـى البـحر يـختفى | |
ويمـضى بـــلا رجـعة كـأنه مــا كان | ما نسمعـش صـوت الغطسة من ضجة الفرح | |
يغنــى ايــــا حـــرية وقـتك حـان | ويمـضى الـزمـان نشـوان والـكـل مبتسم | |
عشـان كـان لـهم بيننا عميل خــــوان | صبـرنـا عـلى المسـتعـمرين رغـم أنفنا | |
ولا بـد، مـا تـتـحـرر الأوطـــــان | ولا بــد مـا يِـتْـرَد فـى الـتـو حـقنـا | |
فى سـاعة المفاوضــــة والعـدو طمعان | ونـظـرة جـمـال كـالـنمر نظرة ما تتنسى | |
ويـرفـع ايـديـه اللص فــى خُـــذلان | كمـثل البـطل مـا يهـدد اللـص فى القفص | |
وهـو النشانجــى اللــى ما خاب له نشان | جـمـال ســدد الثـورة طبـنـجة معـمَّرة | |
وقـال لـه بصــوت زلزل له كل كيــان | صـدر الـعـدو سـددها ثـورة مـزمـجرة | |
إلـى الخـلف دارت عسكـر البــريطـان | إلى الخلف در يـا جـيش بريطانيا وانصرف | |
صــلاة النبــى، قـال لك ولســه كمـان | صـلاة النـبى أحسـن كـده الشـغل يا جدع | |
وتطلقها لا تـكون البعيــــد غفـــلان | ما تقـطعـش ديـل الأفـعى قـالوا اللى قبلنا | |
بيبلع فـى قــوت الراجــل الغلبـــان | وأفـعى الدخـيل راسـها اللى ما زال فى البلد | |
علـــى رأى ما الشـاعر كتب فى ديـوان | إذا كـنت شـهم أقـطع دابـرها وأصـلـها | |
وقـدمـنا لســـه معــركة عـمــران | قنـالـنا فى ايـد غيـرنا ومالنا ماهـوش لنا | |
ولا تثـبـت الأحـجـار بــلا مــــوان | ولا يـنفـع استـقلال بــلا مـال يـثبِّـته | |
ولا همنــا سـاخـــط ولا زعـــلان | وكـانـت إرادتـنـا ونـفــذنـا أمـرنـا | |
ولا خفـنـا مـن أفعــى ولا تعبـــان | وشـالـت بـراسـها الأفـعى دسناها بالجزم | |
وفـى صفـنا كـل العـــرب أعـــوان | وكـيـف يعـتـريـنا الـخـوف أو يستخفِّنا | |
مـحَنِّـيَة رجـليــها بــدما الــعدوان | تزغـرط بـورسـعيـد فـجـر نـصـرها | |
مـع النـسمـة طايــر كالعلــم نشــوان | مـحَنِّيـة كـفـيـها بـدمـاها .. وشـعرها | |
كـده راح تكـون النصــره فى وهــران | ألا يـا جـزايـر قـربـى شـوفى نـصرتى | |
وكـيف الحـياة تــترد فــى الشــريان | ألا يـا فلـسـطـين انـظرى واعـرفى الدوا | |
وعـقـبالـكو زيـى يا قطــر وعمــان | ألا يـا خلـيج شـوف اعـرف ازاى أنـا كده | |
أنـا بـورســعيد الرمـــز والعنــوان | ألا يـا ضحـايـا الظـلـم فى الأرض كـلها | |
أنـا حره مِتْلـِك مــا إيــلى سجــــان | وردت عـليـها دمـشق ودمـشـق اخـتـها | |
فقـط خـارج البـاب الديـــاب قطعــان | طـردنـا العـدو وزال العـدو ومـا بقى عدو | |
عـن النـاب ولـــو كان قلبهـا خشيــان | وقـطعان دياب على باب عرب مصر كشَّرت | |
صــفوف شكــلها يخـلع قلوب الجــان | تصـدت لـها مـن مـصـر والشام وجت لها | |
ولا قــــوة إلا بِلـَمـــة الاخـــوان | مـايخلـعش قـلب الشر غيـر منـظر القوى | |
ومـا كـان مقـعدنـا ســـوى القضبــان | ومـا كـان مِقَعّدنـا سـوى الـقـيد فى رجلنا | |
ومتـمـددة جــرح ومــلان بـــديدان | هدمـنـا حـديد السـجـن وحـدود مـحدَّدة | |
نـردد صـــلاة الشــكر والعـرفـــان | نهـضـنا شـمال وجنوب كأيوب من المرض | |
مـا بين حمص والحسـكة وبين أســــوان | وجِرْيِـت دمـاء الصـحة والعـافية فى البدن | |
وشكـرى عـلى يمـينه سعيــد فرحــان | ويـخـرج جمال فى الشـرفة ويطل ع العرب | |
وللشـعـب صيـــحة تشــق كل عنـان | وتـتـوحد الأوطـان والشـمـل يجـتـمـع | |
ومـا الحـــق إلا وحــدة الأوطـــان | وللشعـب صـيـحة تـشـق للحـق سكتـه | |
بـاغنـى وروحــى فـوق مع الدخـــان | بـاغـنـى وقـلـبـى يـدق ع السـنـدان | |
خـدتنـى الحماســة وبـاطلب الغفــران | أغـنى لابـو تــمـام أقـول ألـف معـذرة | |
فى أيــام مــا كـان الشـعر له سلطــان | عـرفـنـاك تـقـول الشعـر للسيف وللكتب | |
يـدوى ويـتـردد فــى كــل مـــكان | وكـنتـم تقـولوا البـيـت من دول وتسكتوا | |
وحتــى المـــعارك كـان لــها أوزان | وكـانـت حـياتـكـم شـعر فى شـعر كلها | |
دلوقتـى يفنـى وهـــو مش دريــــان | عـشـان يـتـقـتل إنـسـان يـقاتل ويتقتل | |
يـا ريتـك رأيـت مـا حـــل باليابـان | قـنـابـل بتـفـنى ألوف ألوف يا أخا العرب | |
عناتـــر كـمثل السنديـــان والــزان | ياريـتك رأيـت أفريقيا والموت وكيف حصد | |
بشاعــة الحيـاة فـى عصــرنا الحـيران | وده اللـى لـهـانى يـا حبـيب عـن تحيتك | |
وبسـتان مافيهشـى غيـر نعيب غربـــان | بـلابل بتنـهـشها الـحدادى فـى عـشـها | |
لا بـد الـوحــوش تفنـى من الوجــدان | ولـجـل الـجمال ما تعود إلى الأرض دولته | |
عشـان الجـمـال والحـب والإنســــان | وانا شِـعْرى بـيـصـور كـفاح أمة العرب | |
كـدق القـدم فــى الدبـــكة والميجــان | باغـنى وقـلـبى يـدق ويـدق فـى نـغـم | |
ومـا كـان لـى شَبَّابَـه ولا لــى لســان | ومـا كـنـت قـادر ع الغـنـا قـبل ثورتى | |
كخـنـجر خفــى بـين التيـاب مِتْعــان | ماكـنلـيـش سـوى إحساس مرهف ومختفى | |
ومنشار نجـاره ومَسْطَــــرين بنيــان | شهـرته لـقـيـته فـاس ونبـراس ومطرقة | |
تـدور تـروس وتـقول دروس ببيــــان | ودورت على ألـفـاظ كـما السـير للـمكان | |
وفـى لهجـته ألحــان لــكل زمــــان | لقيـت عـمـنـا ابن عروس وشعره ودارْجِتُه | |
اغـنـى كـمـا الفـــلاح فى الغيطــان | جـعـلتـه دليـلى ولهـجة الشـعـب سِكِّتى | |
وانـا فـى القمــر بانشــد مـع الكـروان | وحسـيت كـلام الشـعب كـاللـيل أبو القمر | |
تعلمنـى مــن علــم الحــكيم لقمــان | يـا رب الفَلـَك المُلـك لـك لـك ، وبـاسألك | |
نبـى عـربى كـان قلبــه كلـه حنـــان | وآخـر الـكـلام أرجـع واصـلى على النبى | |
* صلاح جاهين، أشعار العامية المصرية، (القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، ط2، 1993)، ص 44 - 60 . |